توافقت آراء محللين، استطلعت «خليجيون» آراءهم، على أن السياسة الخارجية المصرية في القرن الأفريقي تتماس على نحو مباشر بالأمن القومي المصري بالقارة، وأن تعاون مصر العسكري مع دول في هذا الإقليم يَسهم في زيادة ثقل التحالفات المستقبلية، خصوصا في ضوء مهددات الأمن المائي، وتحديدا سد النهضة الأثبوبي، المثير للجدل.
وفي خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر مع إثيوبيا من الجانب الآخر، سلمت مصر مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين ومسؤول صومالي كبير، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن «طائرتين عسكريتين مصريتين وصلتا إلى مطار مقديشو صباح يوم الثلاثاء محملتين بالأسلحة والذخيرة».
وبالتزامن مع ذلك، أعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، امس الأحد أن مصر توجهت بخطاب إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة.
وأكّد عبد العاطي رفض بلاده القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية، منوهاً بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية.
أما أديس أبابا، فلم تكتف بإعلان موعد انتهاء بناء سد النهضة، بل عينت سفيرا لها في إقليم أرض الصومال غير المعترف به حتى الآن.
التوجه نحو الجنوب
ويقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية أن «أحد محاور سياسة مصر الخارجية هو ما يطلق عليه التوجه نحو الجنوب (القارة الأفريقية)» ويعتقد أن «الأمن القومي المصري يرتبط بالأمن الأفريقي وأن مصر تتأثر بكل ما يحدث بالقارة الأفريقية» ويعتبر أن «مصر تُعد أحد الدول المهمة في أفريقيا ويرتبط بها العديد من الدول الأفريقية».
د.إكرام بدر الدين: أحد محاور سياسات مصر الخارجية ما يطلق عليه التوجه نحو الجنوب
ويؤكد إكرام بدر الدين في تصريح إلى «خليجيون» أن «مصر تتواجد أفريقيا، ولا تقبل أي تهديدات تؤثر على أمنها أو تؤدي إلى عدم استقرار مناطق مهمة في افريقيا ومنطقة القرن الأفريقي» ويضيف «الاستراتيجية المصرية في هذا الاطار تتحرك سريعًا» ويشير إلى «مذكرة مصر إلى مجلس الأمن بخصوص التصريحات التي صدرت عن أثيوبيا».
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الأسبوع الماضي، اكتمال بناء سد النهضة بنسبة 100% بحلول ديسمبر المقبل، واصفا ذلك بالإنجاز التاريخي.
التطورات الأخيرة بالمنطقة الأفريقية
ويرى أستاذ العلوم السياسة المصري أن «بعض التطورات الأخيرة التي حدثت تؤثر على مصر بشكل مباشر، وبالتالي دور القاهرة مهم للغاية» ويشير إلى «ملف سد النهضة، والتطوارت التي تحدث في السودان، وأيضًا اعتراف اثيوبيا بجزء منفصل عن الصومال (دويلة) غير معترف بها دوليا وتعيين سفير أثيوبي بها».
ويلفت إلى «أهمية تحرك أثيوبيا اتجاه أرض الصومال» ويقول «اثيوبيا تُقيم هذه العلاقات المتعددة مع أرض الصومال وتعترف بها لأنها تسعى أن يكون لها منفذ بحري» ويؤكد «قد يسهم ذلك في إحداث تطورات مما يؤثر على المنطقة والممرات البحرية».
وقعت إثيوبيا اتفاقا مبدئيا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية لاستئجار منفذ ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال. ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه «تعد على سيادتها» وقالت إنها «ستعرقله بكل الطرق الممكنة». ونددت مصر «بالاتفاق مع أرض الصومال».
التعاون العسكري المصري- الإفريقي
الصومال لها أهمية لعدة دول كبرى في مقدمتهم مصر، هذا ما يعتقده إكرام بدر الدين ويلفت إلى «تحركات مصر في الصومال، وتوقيع بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين» ويضيف «مصر تسهم بجهد كبير في قوات حفظ السلام بالقارة الأفريقية خاصة في مناطق النزاعات والصراعات، وتم إرسال جنود مصريين وأسلحة إلى الصومال».
واستقبل رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، رئيس وزراء جمهورية الصومال، حمزة عبدي بري، في القاهرة، وجاء ذلك بعد أن سلمت مصر مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر بين البلدين من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر.
مصر تواجه «مجموعة من الأزمات المتزامنة» هذا ما يراه إكرام بدر الدين، ويشير إلى « ما يحدث في الغرب (ليبيا) وتأثيره على الأمن القومي المصري، والجنوب (السودان) والشمال الشرقي (غزة) وكذلك الصومال» ويقول «لكل حدث ما يناسبه من قرارات دبلوماسية وردود أفعال» ويعتقد إنه «قد حدث نوع من التأخر الزمني في رد الفعل خاصة أن هناك بعض التصريحات التي تعتبر غير ودية من الجانب الأثيوبي».
أستاذ العلوم السياسية: مصر تواجه مجموعة من الأزمات المتزامنة
الأمن القومي لا يرتبط بالحدود
ويرى عضو البرلمان المصري، سليمان وهدان، أن «الأمن القومي ليس على الحدود القريبة والملاصقة مع الدول، ولكن يبعد الآف الكيلومترات عن الحدود الطبيعية» ويوضح «لما لها من تأثير خاصة فيما يتعلق بمجال منابع النيل او قضية المياه التي تُمثل قضية حياة».
ويقول وهدان في تصريح إلى خليجيون إن «التواجد المصري في دول القرن الأفريقي، وفي الصومال تحديدا، وتوطيد العلاقات والتعاون المشترك يساعد على ثقل التوازن بالمنطقة ويحافظ على مصالح مصر».
التحالفات الإقليمية الأفريقية
وبشأن ملف سد النهضة وأثيوبيا يؤكد وهدان «موقف مصر ثابت ولم يتغير» ويقول «لا نملك رفاهية عدم الدفاع أو الدخول في مفاوضات على مياه النيل» ويضيف «حصة مصر ثابتة ومستقرة، وسيدافع عنها القيادة المصرية بكل جهد وشراسة» ويشير إلى«بيان الخارجية المصرية الأخير الذي أكد (لا مساس للأمن المائي المصري)».
عضو البرلمان المصري: توازن مصر في القرن الأفريقي يعظم مصالحها في وسائل الضغط
وشدد وزير الخارجية المصري، في خطابه لمجلس الأمن على أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان»، وقال أن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».
ويقول عضو البرلمان المصري «توازن مصر في القرن الأفريقي على وجه العموم، والصومال على وجه التحديد يعظم مصالحها في وسائل الضغط بالمستقبل، أو التحالفات الإقليمية بالقارة الأفريقية». ويشير إلى «علاقة مصر بالسودان باعتبارها جزء من الجسد المصري، ودور مصر في حل الأزمة الأخيرة».
أقرأ المزيد
إيران تكشف عن تقريرها النهائي بشأن ملابسات وفاة «رئيسي»
الكويت تواصلها جسرها الجوي من الاغاثات للسودان
الكويت تواصلها جسرها الجوي من الاغاثات للسودان
0 تعليق