كنز غاز في أفريقيا.. 165.7 تريليون قدم مكعبة تفشل في التطوير

0 تعليق ارسل طباعة

تعوّل كبرى الشركات العالمية على إنتاج الغاز في شرق أفريقيا، لتلبية الطلب المتزايد المتوقع على الغاز المسال، وفق تقرير حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ومن المحتمل أن تكون موزمبيق وتنزانيا، اللتان تضمّان حوض غاز روفوما في شرق أفريقيا، من الدول المستفيدة الرئيسة من هذا الطلب المتوقع؛ نظرًا إلى احتياطيات الغاز الوفيرة بهذا الحوض، وقربه من أسواق الاستيراد في جنوب آسيا.

وحسب قاعدة بيانات الحقول العالمية لدى منصة الطاقة، فإن احتياطيات حوض روفوما تصل إلى 165.7 تريليون قدم مكعّبة، لكن جهود تطويرها واستغلال هذا "الكنز" لم تحقق الاستفادة الكاملة حتى الآن، سواء للدولتين، أو القارة السمراء بأكملها.

وفي هذا السياق، تتسائل المحللة المتخصصة في خدمات الطاقة البرية لدى شركة ويستوود إنرجي (Westwood Energy)، ميشيلا فرانسيسكو، حول إمكان ازدهار حوض غاز روفوما في شرق أفريقيا، في ظل الطلب المتزايد على الغاز المسال.

حوض غاز روفوما

فشل حوض غاز روفوما في تحقيق إمكاناته الكاملة بسبب سلسلة من الأزمات في الدول المضيفة، وذلك حسب تقرير ميشيلا فرانسيسكو الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ففي تنزانيا، تعرّض مشروع الغاز المسال، الذي تبلغ تكلفته 40 مليار دولار، لتأخيرات واسعة النطاق بسبب المفاوضات المطوّلة بشأن شروط مالية غير جذابة، نتيجة التزامات العرض المحلية المرتفعة.

وكان المشروع يهدف إلى تلقي الغاز من 6 حقول عبر المربعين 1 و4 اللذين تتولى تطويرهما شركة شل البريطانية، والمربع 2 الذي تتولاه شركة إكوينور النرويجية (Equinor).

بينما أرجع التقرير عدم تطوير احتياطيات الغاز قبالة سواحل موزمبيق، إلى حركات التمرد في مقاطعة كابو ديلغادو؛ ما أدى إلى تأخيرات في قرارات الاستثمار النهائية والمشروعات الناشئة، نظرًا إلى إعلان القوة القاهرة لمشروعات رئيسة، بحسب ما ذكرته شركة ويستوود إنرجي على موقعها الرسمي.

ومن الأمثلة على ذلك، فرضت شركة توتال إنرجي القوة القاهرة على مشروع موزمبيق للغاز المسال، الذي تبلغ طاقته 13 مليون طن سنويًا؛ ما أدى إلى تأخير بدء الإنتاج من حقل غولفينهو-أتوم التابع لها حتى عام 2028، بعد 9 سنوات من الموافقة عليه.

مشروع توتال إنرجي للغاز المسال في موزمبيق
مشروع توتال إنرجي للغاز المسال في موزمبيق - الصورة من منصة "إل إن جي برايم"

وعلى نحو مماثل، تأثر مشروع روفوما للغاز المسال التابع لشركة إكسون موبيل -أيضًا- بطريقة غير مباشرة، في أعقاب إعلان شركة توتال إنرجي عن القوة القاهرة، نظرًا إلى أنه يخطط لتقاسم بعض المرافق التابعة لمشروع الغاز المسال في موزمبيق.

وهناك عامل آخر يُسهم في تأخر تنمية احتياطيات الغاز في موزمبيق، وهو اقتصادات المشروع المعقدة.

فقد سلّطت شركة توتال إنرجي الضوء على هذا الأمر في عام 2023، عندما أفادت بأن ضغوط التضخم في سلسلة التوريد زادت من تعقيد استئناف مشروع الغاز المسال في موزمبيق بقيمة 20 مليار دولار.

ومع ذلك، كانت هناك علامات على تطورات إيجابية، نظرًا إلى أن توتال إنرجي أعلنت في مكالمة أرباح الشركة في أبريل/نيسان 2024، أن المقاولين وافقوا على عكس خطط التضخم في العقود، وبالتالي، لم يعد هذا عقبة أمام قرار الموافقة على المشروع.

مشروعات الغاز في شرق أفريقيا

على الرغم من هذه التحديات، بدأ مشروع كورال ساوث للغاز المسال العائم -وهو المشروع الافتتاحي لحوض غاز روفوما- العمل في عام 2022، ما يشير إلى أن التطورات المعقدة التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات يمكن أن تنجح قبالة سواحل موزمبيق.

وتتولى شركة إيني تطوير المشروع الذي تبلغ طاقته 75 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًا، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المتوقع أن يظل الإنتاج في موزمبيق مستقرًا عند نحو 75 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًا حتى عام 2027، قبل أن يرتفع إلى ذروة تبلغ 295 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميًا بحلول عام 2030، بزيادة 296%، مدفوعًا بحقول غولفينهو-أتوم التابعة لشركة توتال إنرجي، والمرحلة الثانية من حقل كورال التابعة لشركة إيني.

بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يبدأ تشغيل أول حقل تنزاني في الحوض في عام 2026، وهو حقل غاز نتوريا البري التابع لشركة أمينكس الأيرلندية (Aminex)، الذي ينتج 7 آلاف برميل من النفط المكافئ يوميًا.

ويعزّز ذلك الإنتاج الإجمالي عبر حوض غاز روفوما إلى ذروة تبلغ نحو 302 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًا بحلول عام 2030، بزيادة 305% عن عام 2023، بحسب الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وعلى الرغم من وجود علامات إيجابية للإنتاج، فإن شبح التأخير الذي يطارد المشروعات ما يزال قويًا؛ ما قد يخفف من الصورة الإيجابية قبل عام 2030، خاصةً أن مشروعًا واحدًا فقط من المشروعات الـ3 المتوقع أن يبدأ تشغيلها بحلول عام 2030 قد اجتاز الموافقة، وهو مشروع غولفينهو-أتوم التابع لشركة توتال إنرجي.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- ذروة إنتاج الغاز من حوض روفوما في شرق أفريقيا من الحقول الـ3 بحلول عام 2030:

إنتاج الغاز من حوض روفوما في شرق أفريقيا

وأشار التقرير إلى أن نشاط الحفر في كلا البلدين ضئيل بمتوسط بئر واحدة سنويًا خلال المدّة 2019-2024، ومن المتوقع أن يشهد نشاطًا مدفوعًا بنحو 50 بئرًا ستُحفر لدعم مشروعات الغاز المسال المقبلة في المياه العميقة في موزمبيق.

وسيظل نشاط الحفر البري ضئيلًا، إذ من المقرر حفر بئر شيكومبي-1 الاستكشافية التابعة لشركة أمينكس فقط في عام 2024، وهي البئر البرية الوحيدة التي حُفرت في الحوض منذ عام 2016.

وبعد عام 2030، ذكر التقرير -الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة- أن التوقعات من حوض روفوما في شرق أفريقيا قد تكون أكثر إيجابية؛ نظرًا إلى الاهتمام المستمر من شركات الطاقة الدولية، بالإضافة إلى جولات التراخيص وإعلانات منح الامتيازات التي أُجريت في كلا البلدين منذ عام 2023.

وعلى الرغم من قلة المشروعات في تنزانيا، اقترحت شل وإكوينور مشروع غاز مسال بقيمة 42 مليار دولار من 3 مربعات في المياه العميقة في مارس/آذار 2023، وتبع ذلك لاحقًا تعبير شركة سينوك الصينية (CNOOC) عن اهتمامها بتطوير مشروع الغاز المسال العائم في المياه العميقة في المربعين 4/1 بي و4/1 سي في يونيو/حزيران 2023.

توقعات إنتاج الغاز في شرق أفريقيا

عند تحليل التطورات الحالية في حوض غاز روفوما في شرق أفريقيا، توقعت كاتبة التقرير ميشيلا فرانسيسكو، أنه بحلول بداية العقد المقبل يُمكن أن يُسهم الحوض بنحو 295 ألف برميل من النفط المكافئ يوميًا، لتلبية الطلب العالمي على الغاز المسال.

وتتوقع شركة ويستوود أن تستمر موزمبيق في قيادة الإنتاج والحفر في حوض غاز روفوما في شرق أفريقيا حتى عام 2030.

ومع ذلك، شدد التقرير على ضرورة أن تواصل الحكومة الموزمبيقية اتخاذ خطوات نحو القضاء على التمرد لضمان التقدم السريع للمشروعات قبالة مقاطعة كابو ديلغادو، التي هي حاليًا في مرحلة التصميم الهندسي الأولي بشكل أساسي.

وعلى النقيض من ذلك، على الجانب التنزاني من الحوض، فإن الصورة واعدة أكثر مما كانت عليه في التنبؤات اللاحقة، وإن كان ما يزال هناك حاجة إلى التركيز على تحسين الشروط المالية لجذب مزيد من الاستثمارات في الأمد القريب وضمان الحفاظ على الاهتمام الحالي من شركات الطاقة الدولية.

بوجه عام، تعتقد شركة ويستوود أنه بحلول عام 2030، قد يبدأ حوض غاز روفوما في شرق أفريقيا الارتقاء إلى مستوى إمكاناته، مع انتقال المشروعات أخيرًا من الإمكانات إلى الواقع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق