صناعة الغاز المسال في اليابان.. نهضة إمدادات تغذي السوق العالمية

0 تعليق ارسل طباعة

اقرأ في هذا المقال

  • تلقى مشروعات الغاز المسال في اليابان دعمًا متواصلًا من قِبل الحكومة.
  • تغادر شحنة غاز مسال تسيطر عليها شركة يابانية ميناءً عالميًا كل 6 ساعات.
  • اليابان تستعمل قرابة ثلثي مشترياتها من الغاز المسال.
  • استبدال الغاز الطبيعي بالفحم يخفض الانبعاثات الكربونية.
  • يُشكِّل الغاز المسال ما نسبته 34% من مزيج الطاقة الكهربائية في اليابان.

تشهد صناعة الغاز المسال في اليابان نهضة غير مسبوقة جعلتها أحد اللاعبين الرئيسين في تلك السوق الإستراتيجية العالمية للوقود منخفض الكربون.

وتغادر شحنة غاز مسال تسيطر عليها شركة يابانية ميناءً عالميًا كل 6 ساعات، علمًا بأن الغاز المسال يُشكِّل 34% من مزيج الطاقة الكهربائية في البلد الواقع جنوب شرق آسيا.

وتحظى صناعة الغاز المسال في اليابان بدعم حكومي لا ينقطع في إطار سياسة طموحة تستهدف تعظيم الإنتاجية من تلك السلعة الإستراتيجية؛ بما يعزز أمن الطاقة في البلاد، ودعم الطلب العالمي على الوقود الذي يُعول عليه في جهود تحول الطاقة.

ووفق متابعة من منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) لا تَستعمِل اليابان -حاليًا- سوى قرابة ثلثي مشترياتها من الغاز المسال، في حين تبيع الكمية المتبقية في الأسواق الخارجية.

دعم متواصل

يغذي الدعم الذي تتلقاه صناعة الغاز المسال في اليابان، النمو السريع للسوق العالمية لهذا الوقود، البالغة قيمتها 250 مليار دولار، خلال الأعوام الـ50 الماضية، وفق وكالة بلومبرغ.

وبينما تواصل الولايات المتحدة والبلدان المصدرة الأخرى استفادتها من هذا النمو، تحولت اليابان التي لا تمتلك سوى احتياطيات غاز قليلة، إلى دولة لا يمكن الاستغناء عنها في كل حلقات سلاسل الإمدادات لهذا الوقود المهم.

وقال الرئيس السابق لشركة وودسايد إنرجي غروب (Woodside Energy Group) الأسترالية للنفط والغاز بيتر كوليمان، إن "صناعة الغاز ما كان لها أن تصل إلى مكانتها الحالية لولا اليابان".

وأضاف كوليمان: "تسعى اليابان بكل السبل لاقتحام أسواق جديدة، وجلب مطورين جُدد إلى البلاد".

وحقّقت الشركات اليابانية الكبرى أرباحًا لا تقل عن 14 مليار دولار من عملياتها المتعلقة بالغاز خلال العام المالي المنتهي في شهر مارس/آذار (2024)؛ ما يعادل الأرباح المجمعة لكبار مصنعي إلكترونيات المستهلك في البلاد، وفق حسابات بلومبرغ.

ناقلة غاز مسال في اليابان
ناقلة غاز مسال في اليابان - الصورة من "جابان تايمز"

مخاوف بيئية

كغيرهم من أنصار الغاز الطبيعي، يرى القادة السياسيون ورؤساء الشركات في اليابان إمكان أن هذا الوقود قد يؤدي دورًا حاسمًا في مكافحة تغير المناخ، موضحين إمكان أن يحل الغاز الطبيعي محل الفحم الحساس جدًا للبيئة، تزامنًا مع استمرار التوسع في استعمال مصادر الطاقة المتجددة.

غير أن أنصار البيئة يحذرون من أن هناك تداعيات لاستعمال الغاز على المدى الطويل، وبدلًا من أن يكون هذا الوقود حلقةً مهمةً للتحول إلى الطاقة النظيفة، فإنه سيصبح مصدرًا باعثًا على القلق في هذا الخصوص.

واستشهد أنصار البيئة هؤلاء بملاحظات جديدة دلّت عليها صور التُقطت بالأقمار الصناعية، تُظهر أن صناعة الغاز تُنتِج كميات من غاز الميثان أكبر مما هو ثابت علميًا، بل من الممكن أن يمثل هذا الوقود تهديدًا مباشرًا أكبر للمناخ، قياسًا بالفحم.

وتظل صناعة الغاز في اليابان داعمًا للسوق العالمية؛ إذ تحرص طوكيو على ضمان إمدادات كافية للسوق المحلية، والمساعدة على سد الاحتياجات المتزايدة للاقتصادات الناشئة التي تبرُز –كذلك- أسواقًا مهمةً بالنسبة للشركات المحلية.

وقال المسؤول في قسم تمويل حلول الطاقة لدى بنك اليابان للتعاون الدولي جيه بي آي سي (JBIC) مانابو كاتو: "نحتاج إلى تحقيق تحول براغماتي عبر دعم الغاز".

وأضاف كاتو: "هناك بعض الدول، مثل الهند، التي يستمر فيها احتياج الغاز إلى ما بعد عام 2050"، بتصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

محطة غاز مسال في اليابان
محطة غاز مسال في اليابان - الصورة من commons.wikimedia

دور فوكوشيما

يُعزى الحماس المتزايد لدى اليابان لاستعمال الغاز الطبيعي المسال إلى كارثة مفاعل فوكوشيما المندلعة في عام 2011، والتي أغلقت معها 54 مفاعلًا نوويًا.

ودون مصادر طاقة محلية أخرى استغلت طوكيو عقود غاز مسال مبرَمة قوامها 10 سنوات، وضخت استثمارات في مصانع عالمية، من الولايات المتحدة إلى أستراليا.

وبحلول عام 2015 شرعت اليابان –بأسرع من المتوقع- في إعادة تشغيل المفاعلات، كما سرعت وتيرة استعمال مصادر الطاقة المتجددة، خلال الوقت الذي هبط فيه الطلب على الطاقة؛ ما نتج عنه فائض من الغاز.

وبدأت المرافق وبيوت التجارة اليابانية في بيع معروضها الزائد من الغاز بالخارج، وإنشاء مكاتب تجارية في سنغافورة ولندن، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

تمويلات حكومية

يُعد التحول إلى الغاز الطبيعي المسال أو إضافة سعةٍ جديدةٍ أمرًا مرتفع التكلفة؛ وفي مسعى منها لتغطية التكاليف التي تتحملها الاقتصادات المتعثرة ماليًا، عرضت الحكومة اليابانية تمويلات لضخ استثماراتٍ ضخمةٍ في الإمدادات الجديدة ومحطات الاستيراد والبنية التحتية الأخرى.

وبوجه عام منحت المؤسسات العامة اليابانية قروضًا بنحو 40 مليار دولار لمحطات تصدير الغاز المسال منذ عام 2022، وفق تحليل أجرته منظمة أويل تشينج إنترناشونال (Oil Change International) البيئية.

ويبرُز بنك اليابان للتعاون الدولي "جيه بي آي سي"، أحد أكبر المقرضين في العالم لصناعة الغاز منذ اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.

ومنذ مارس/آذار (2024) لامست قيمة القروض التي منحها "جيه بي آي سي" مليار دولار لدعم مشروع غاز مسال في أستراليا، وحقل غاز في فيتنام، وتوربينات يابانية الصنع لمشروع توليد الكهرباء من الغاز في المكسيك.

وفي هذا الصدد قال المسؤول في قسم تمويل حلول الطاقة لدى بنك اليابان للتعاون الدولي مانابو كاتو، إن البنك يدعم مشروعات تسهم في تعزيز أمن الطاقة الياباني، وتحقيق أهداف المناخ العالمية وفق اتفاقية باريس 2015.

ويُسهم استبدال الغاز الطبيعي بالفحم في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في دول مثل الهند أو إندونيسيا، على غرار الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين.

استثمارات خارجية

يسرع العديد من اللاعبين الرئيسين في صناعة الغاز المسال في اليابان، وتيرة استثماراتهم الخارجية، في هذا الوقود الإستراتيجي، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة.

فقد اشترت شركة جيرا (Jera)، أكبر مُنتِج للكهرباء في اليابان، حصة قوامها 1.4 مليار دولار في أحدث مشروع للغاز الطبيعي المسال في أستراليا.

كما أبرمت الشركة ذاتها اتفاقيات توريد مع مصنع أميركي للحصول على شحنات من الغاز، من المرجح توجيهها إلى السوق الأوروبية.

وبالمثل استحوذت شركة ميتسوي أند كو (Mitsui & Co) على حقل غاز في الولايات المتحدة، والذي من المخطط أن يغذي فيتنام بهذا الوقود، كما استحوذت الشركة على حصة في مصنع جديد لتصدير الغاز المسال في الإمارات.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات اليابان من الغاز المسال خلال النصف الأول 2024، مقارنة مع 2023:

واردات اليابان من الغاز المسال خلال النصف الأول من 2024، مقارنة مع 2023

واردات اليابان من الغاز المسال

استقرت اليابان في المرتبة الثانية -خلف الصين- بقائمة أكبر 10 دول مستوردة للغاز المسال عالميًا، مع صعود وارداتها بنسبة 0.4%، لتصل إلى 32.97 مليون طن في النصف الأول من 2024، مقارنة بنحو 32.83 مليون طن خلال المدة المقارنة من 2023، وفق تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.

وخلال الربع الثاني من 2024 زادت واردات اليابان من الغاز المسال بنسبة 6%، مسجلةً 14.86 مليون طن، قياسًا بنحو 14.02 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2023.

في المقابل هبطت واردات الربع الأول بنسبة 2.6% إلى 18.12 مليون طن، قياسًا بنحو 18.8 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2023.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق