التوسع في وقود الطيران المستدام يهدد المحاصيل الزراعية وتوافر المياه (تقرير)

0 تعليق ارسل طباعة

اقرأ في هذا المقال

  • وقود الطيران المستدام يُنتج من مواد خام بديلة تشمل المخلفات والزيوت المستعملة
  • المعروض العالمي من وقود الطيران المستدام لم يتجاوز 26 مليون غالون في 2022
  • الولايات المتحدة حدّدت هدفًا إلزاميًا بمزج 3 مليارات غالون من الوقود المستدام بحلول 2030
  • الاتحاد الأوروبي يستهدف استهلاك الوقود المستدام بنسبة 2% في 2025 تزيد إلى 6%
  • إمدادات المياه المحلية وجودتها مهددة خاصة في البلدان التي تعاني نقص المياه

تتزايد فرص وقود الطيران المستدام مع زيادة الطلب المحتمل في قطاع الطيران الأميركي خاصة، مع توقعات زيادة الاستهلاك العالمي لهذا الوقود خلال العقود المقبلة، لكن هذا النوع منه سيظل يواجه تحديات بيئية عالقة.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية تضاعف الاستهلاك العالمي لوقود الطائرات التجاري من 96 مليار غالون في عام 2018 إلى 215 مليار غالون في عام 2050.

وبلغ استهلاك الولايات المتحدة من وقود الطيران المستدام 16 مليون غالون في عام 2022، في حين لم يتجاوز المعروض العالمي منه 26 مليون غالون فقط خلال العام نفسه، ما يعني أن الولايات المتحدة ما زالت أكبر سوق له، بحسب تقرير حديث حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه (مقرّها واشنطن).

وتُعد الولايات المتحدة أكبر مستهلك لوقود الطائرات في العالم بما يصل إلى 26 مليار غالون سنويًا، وسط توقعات أن يصل استهلاكها إلى 30 مليار غالون عام 2030.

مصادر وقود الطيران المستدام

يشيع الحديث عن وقود الطيران المستدام بحماس بالغ من قبل أنصار البيئة والمناخ، بوصفه أقرب البدائل الخضراء القادرة على خفض انبعاثات قطاع النقل الجوي.

ويُشتق وقود الطيران المستدام من مواد خام مختلفة مثل حبوب الذرة، والبذور الزيتية، والطحالب، والدهون، والزيوت، والشحوم، ومخلفات الغابات والزراعة، ونفايات مطاحن الخشب، والنفايات الرطبة.

تجارب العلماء لإنتاج الوقود الحيوي
تجارب العلماء لإنتاج الوقود الحيوي - الصورة من Green car reports

كما يُشتق من النفايات الصلبة من المنازل والشركات، مثل مواد التعبئة والتغليف والمنسوجات وبقايا الطعام، التي يكون مصيرها الحرق في مكبات النفايات.

كذلك يُستخلص عبر عمليات تحويل الزيوت المستعملة، بما في ذلك زيوت الطهي المستعمل والدهون الحيوانية إلى كيروسين تقليدي مصمم للاستعمال في الطائرات.

وهناك 11 عملية تحويل رئيسة لهذا الوقود معتمدة من قبل الجمعية الأميركية للاختبار والمواد (ASTM)، بالإضافة إلى 11 عملية أخرى قيد التقييم حاليًا، بحسب الدراسة الصادرة عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

انبعاثات قطاع الطيران

يتميّز وقود الطيران المستدام بانخفاض انبعاثاته أو انعدامها في أثناء حرقه، إلى جانب تشابه خصائصه الكيميائية مع وقود الطائرات الأحفوري، ما يجعله قابلًا للاستبدال أو المزج بالوقود التقليدي، دون الحاجة إلى تعديل المحركات الحالية أو البنية التحتية للمطارات.

وتعوّل مسارات تحول الطاقة على هذا الوقود المشتق من المواد البديلة للوقود الأحفوري، للإسهام في خفض انبعاثات قطاع الطيران التي بلغت 800 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون في عام 2022، ما يمثّل 2% من إجمالي الانبعاثات الكربونية العالمية المرتبطة بالطاقة.

ويتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) وصول انبعاثات الطيران خلال المدة (2021-2050) إلى 21 مليار طن من ثاني الكربون بمعدل نمو سنوي مركب 13%، وذلك إذا ظلّت الصناعة تسير بنظام العمل المعتاد المعتمد على الوقود الأحفوري.

وعادة ما يُشار إلى أن أسهل طريقة لخفض الانبعاثات المتعلقة بالطيران هي تحسين كفاءة استهلاك الوقود، لكن بيانات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن متوسط تحسّن كفاءة الوقود في الطيران ظلّت أقل من 2% خلال السنوات الـ10 الماضية.

ولا تتواكب هذه النسبة مع معدل النمو المتوقع في القطاع الذي يزيد على 4% سنويًا خلال السنوات الـ10 المقبلة، وسط مخاوف من تباطؤ معدل تحسين كفاءة الوقود في الأجيال الحديثة المقبلة من المحركات.

خطط وقود الطيران المستدام

تعهّدت صناعة الطيران العالمية بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2050، مقارنة بمستويات عام 2005، ما يتطلّب تسارع الجهود في تبني أنواع الوقود منخفضة أو خالية الكربون.

وهناك اتجاه متزايد بين شركات الطيران لمزج وقود الطائرات المستدام مع نظيره التقليدي لتحقيق هذا الهدف، إذ تخطط شركات الطيران الأميركية الكبرى -بما في ذلك أميركان إيرلاينز ودلتا إيرلاينز- لاستعمال هذا الوقود بنسبة 10% من إجمالي استهلاكها بحلول عام 2030.

بينما تخطط شركات التصنيع الكبرى لهذا الوقود، مثل إيرباص وبوينغ، لزيادة قدرة إنتاجه بنسبة 100% بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 50% الآن.

طائرة تابعة لشركة إيرباص
طائرة تابعة لشركة إيرباص - الصورة من Aircraft info

استنادًا إلى هذا الزخم، من المتوقع أن تشهد سوق وقود الطائرات المستدام نموًا كبيرًا خلال السنوات المقبلة، لتصل قيمتها إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2030، مع زيادة التفويضات الحكومية والتزام الشركات بإزالة الكربون، بحسب دراسة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

وحدّدت وزارة الطاقة الأميركية هدفًا للمزج الإلزامي لنحو 3 مليارات غالون من وقود الطيران المستدام مع الوقود التقليدي بحلول عام 2030، ما يعادل 12% من إجمالي الطلب المتوقع على وقود الطائرات في الولايات المتحدة.

كما تلتزم شركات الاتحاد الأوروبي باستعمال هذا الوقود المستدام بنسبة 2% من إجمالي الاستهلاك في عام 2025، ترتفع إلى 6% عام 2030، ثم إلى 20% بحلول 2035، تمهيدًا لوصولها إلى 70% بحلول عام 2050، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

تحديات المحاصيل والمياه

رغم التسليم بأن وقود الطيران المستدام منخفض الانبعاثات، ويمكنه الإسهام في إزالة الكربون من قطاع الطيران، فإن الآثار البيئية للتوسع في إنتاجه قد تكون أفدح مما يتصوره المتحمسون، بحسب دراسة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

وتحذّر الدراسة من أن التوسع في إنتاج هذا الوقود دون اتباع الممارسات الزراعية المستدامة، قد يؤدي إلى إزالة الغابات وتهديد التنوع البيولوجي، وزيادة المنافسة على استعمالات الأراضي بين المحاصيل الزراعية ومحاصيل الوقود الحيوي.

كما تمتد التحذيرات إلى التأثيرات المحتملة في إمدادات المياه المحلية وجودتها، خاصة أن زراعة المحاصيل التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي عادة ما تحتاج إلى موارد مائية كبيرة.

ودعت الدراسة صناعة الطيران العالمية إلى إجراء تحليلات أكثر دقة وصرامة، لفهم ما تعنيه الخطط والمبادرات المطروحة للتوسع في استعمال أنواع الوقود الحيوي ومنها وقود الطيران المستدام، عبر تقييم آثارها المحتملة في إمدادات الغذاء واستعمالات المياه مستقبلًا.

بعبارة أخرى تحتاج الصناعة إلى التحقق من عبارة "مستدام" المروَّجة في مبادرات الوقود الحيوي، وألا تستسلم لها وكأنها حقيقة علمية لا تقبل النقاش، إذ تشير الآثار البيئية المحتملة إلى أن الوقود المستدام ما زال يحتاج إلى جهود أخرى حتى يصبح مستدامًا بحق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق