"يوم الانتفاع بالمعلومات" يَطرح تفعيل قانون الحصول على المعلومة بالمغرب

0 تعليق ارسل طباعة

يعدّ الاحتفاء بـ”اليوم الدولي للحق في الانتفاع بالمعلومات”، الذي يصادف 28 شتنبر من كل عام، مناسبة متجددة سنوياً لطرح موضوع الحق في المعلومة والحصول عليها، خصوصا في السياق المغربي الذي تميّز بصدور القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، بعد نقاش تشريعي ومدني واسع، ثم دخوله حيز التنفيذ قبل 6 سنوات مضت.

هذه المناسبة أُقرّت، حسب الأمم المتحدة، “إدراكاً لأهمية الحق في الانتفاع بالمعلومات في شتى أنحاء العالم، واستنادا إلى إعلان المنهاج الإفريقي الذي اعتُمد في مؤتمر عموم إفريقيا بشأن الانتفاع بالمعلومات الذي عُقد في سبتمبر 2011، وشاركت فيه هيئات حكومية وبرلمانية ومهنية إقليمية ودولية عديدة، وغيرها من هيئات المجتمع المدني، وعبّرت المجموعة الإفريقية فيه عن تأييدها اضطلاع اليونسكو بصورة رسمية باعتماد يوم 28 شتنبر بوصفه يوما دوليا للحق في الانتفاع بالمعلومات”.

ويرى مختصون تحدثت إليهم جريدة هسبريس الإلكترونية أن “المغرب قطع أشواطاً مهمة وكبيرة في مسار ترسيخ الحق في الحصول على المعلومات”، غير أن هناك شبه إجماع على “إشكاليات مسطرية وعمَلية عديدة مازالت تعُوق التطبيق والتنزيل السليم للنص القانوني المنظم لهذا الحق الدستوري”.

“دسترة إيجابية.. ولكن”

مريم ابليل، باحثة في القانون العام فاعلة مدنية في مجال حرية المعلومات، أكدت أن “مجرد دسترة هذا الحق تعد أمرا إيجابيا، بالمقارنة مع دول الجوار”، مبرزة أن “المدة التي استغرقها القانون في النقاش التشريعي بالبرلمان وما واكبه من نقاش مدني مجتمعي تبقى معقولة، بالنظر إلى طبيعة قانون الحصول على المعلومات كقانون أفقي يمس قطاعات حكومية عديدة ذات خصوصيات مختلفة أحيانا”.

ولفتت الباحثة في المجال، مصرحة لجريدة هسبريس، إلى أن “بعض إشكاليات تطبيق النص القانوني كما دخل حيز التنفيذ في 2018 من الضروري قراءتُها في ضوء عامليْن مفسرين؛ الأول مرتبط بقانون حماية المعطيات الشخصية الصادر في 2009 الذي يلزَمُه تحيين أساسي لملاءمته مع حق الحصول على المعلومة، بينما الثاني هو الرقمنة ومدى استخدامها من لدن الإدارة كما المرتفقين/المواطنين”.

“على مستوى تطبيق القانون 13-31 فمجهودٌ ملحوظ بَذله المغرب عبر إحداث ‘بوابة شفافية.ما'”، ترصد ابليل، معتبرة أنها تبقى مبادرة وزارية حكومية محمودة “لكنها غير مؤسّس لها قانونيا، وتعتبر وسيلة تكميلية قد يستغني عنها الفاعل الوزاري في أي لحظة، بحكم أن القانون لم يمأسس لها صراحةً”، قبل أن تستحضر “إشكالات في المنصة المذكورة، منها غيابُ مؤسسات كبرى كمجلسيْ البرلمان…”.

وأثارت المتحدثة ذاتها الانتباه إلى أن “هياكل الإدارة المغربية مدعوة إلى تأهيل الموظفين وتكوينهم الأمثل في مقتضيات القانون سالف الذكر، فضلا عن تعميم تجربة تكليف وحدة إدارية خاصة بطلبات الحصول على المعلومة (إشكالية المخاطَب)، مع وجوب تعيين شخص مكلف بذلك، خاصة أن هناك خلطاً حاصلا لدى المواطنين بين طلب الحصول على معلومة وبين ملتمس أو استفسار أو شكاية تجاه إدارة معينة”.

وختمت الباحثة ذاتها بأنه “من المهم أن يسير المغرب إلى توفير بيانات مفتوحة (open data) وليس فقط في وثائق ممسوحة ضوئياً؛ وهذا ما يضمن الانتفاع للعموم الذي تتحدث عنه منظمة الأمم المتحدة”، لافتة إلى أن “المعلومة الصادرة بعد طلب للحصول عليها يجب أن تُراعي احترام المعطيات الشخصية وتكون رقمية الحامل وسريعة”.

“اختلالات تفعيل القانون”

محمد العوني، رئيس “منظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم)”، وهي جمعية مغربية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حريات الإعلام والتعبير، وتعمل من أجل الحق في الوصول إلى المعلومة، استحضر أن “مشروع القانون خلال مراحل تدارُسه قبل نحو عشر سنوات شهد نقاشا محتدماً بين الوزارة وباقي الفاعلين المدنيين المهتمين بإقرار هذا الحق والمرور نحو فِعليّته على أرض الواقع، خصوصا في إطار الشبكة المغربية للحق في الحصول على المعلومات”.

ونبه العوني، في حديث لهسبريس، إلى أن “القانون لا يُترجم حتى المضامين الدستورية في الفصل 27 وفصول أخرى نصت صراحة على الشفافية والديمقراطية التشاركية وحرية الإعلام وغيرها من المفاهيم الناظمة المرتبطة بشكل وثيق مع حق الحصول على المعلومات أو الولوج إليها”، داعيا إلى “تفعيل الحق في شقه القانوني، نظراً لأهميته وضرورة مراجعته بشكل شامل يواكب التطورات الجارية”.

وبينما عدد الفاعل المدني ذاته عددا من “جوانب الاختلال” التي أشارت إليها مذكرة سابقة لمنظمة “حاتم” حول القانون ألحّ على أن من أبرزها “عدم منح صلاحيات للجنة الحق في الحصول في المعلومات كي تباشر مهامها، فهي بعيدة عن تنفيذ ما أتيح لها قانونياً، كما أنها لم تُصدر إلى حد الآن أيّ تقرير سنوي كما نُصَّ على ذلك”.

ويرى العوني أن “استثناءات الحق في الحصول على المعلومات تبقى كثيرة وخارج المعايير الدولية، فضلا عن معطيات عدد من قطاعات السيادة التي يجب أن تبقى طيّ السرية وغير مشمولة بممارسة القانون، أما ما يُتداول في المجلس الحكومي، ومثلا السياسة النقدية والمالية التي تعدّ جزءا من السياسة العامة، فهي مجالات للمعطيات ونقاش البيانات يجب أن يُتاح فيها حق الحصول عليها، مع لزوم الاحتفاظ بسرية التدبير”.

وتأسف الفاعل الحقوقي ذاته إلى “عدم وجود إشارات جدّية ولا إرادة سياسية واضحة لدى الدولة أو القطاعات الحكومية المعنية مباشرة بتنزيل النص بشكل سليم”، مستدلا على ذلك بقوله: “وَضْعنا (في عهد حكومة العثماني) لدى رئاسة الحكومة طلب الحصول على معلومات حول معايير اعتماد لجنة المعلومات وكيفية التعيين فيها غير أننا تلقيْنا جواباً يُفيد بغياب الفهم الحقيقي للقانون على عِلّاته، مع قصْر الجواب في تقييم بوابة شفافية”.

ملاحظات بوابة “شفافية”

بشأن “بوابة شفافية” أورد رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير: “حسب البوابة فإنها، منذ العمل بها، تلقّت في المجموع 18 ألف طلب للحصول على المعلومة، تم الإجابة عن أكثر من 10 آلاف منها، غيرَ أن الملاحَظ هو عدم نشر تلك الطلبات، بل فقط توضيح أعدادها وحجمها”، مسجلا “ضعف تجاوب القطاعات الوزارية المعنية بطلبات الحصول على معلومات مع طالبيها والمرتفقين”، وزاد: “نَعتبر عدم نشر الطلبات تأكيدا لعدم وجود إرادة سياسية جادّة لتفعيل قانون 31-13”.

وخلص العوني إلى أن “النشر الاستباقي للمعلومات، المنصوص عليه بصريح العبارة، يبقى ضعيفاً جداً باعتراف المسؤولين أنفسهم”، ما يتطلب، حسبه، “مراجعة جذرية وحقيقية للقانون وملاءمة كافة القوانين مع هذا الحق الدستوري”، ضاربا المثال بـ”مسألة تناقض السر المهني في قانون الوظيفة العمومية مع قانون المعلومات”.

ودعا الفاعل ذاته إلى “إشاعة ثقافة نشر المعلومة في الإدارات العمومية”، موصياً بأهمية “التربية والتوعية ودعم فعاليات المجتمع المدني، مع تنمية ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطوير إمكانيات تطبيق شراكة الحكومة المفتوحة التي انضم إليها المغرب كمنتدى دولي دون أن يطبَّق ما توصي به من مقتضيات هامة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق