أبعاد رفع الحظر عن الجماعة الإسلامية في بنجلاديش.. التداعيات المحلية والدولية

0 تعليق ارسل طباعة
google news

في خطوة مفاجئة أعلنت حكومة بنجلاديش رفع الحظر المفروض على الجماعة الإسلامية، الحركة السياسية ذات الجذور الإسلامية العميقة، التي بقيت محظورة لسنوات طويلة، هلى أثر اتهامات تتعلق بالتورط في أعمال عنف خلال حرب الاستقلال عام 1971، وارتباطها بأنشطة إرهابية. 
 

هذا القرار يفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول تداعياته على الصعيدين المحلي والدولي، وسط حالة من الترقب بشأن تأثيراته المحتملة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في بنجلاديش، وعلاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية.

ولتحليل الأوضاع وفهم أبعاد قرار بنجلاديش برفع الحظر عن الجماعة الإسلامية، يتعين الربط بين المعلومات المتاحة حول بنجلاديش من الداخل، وذلك لفهم تأثير التطورات على المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة المحيكة بها بشكل عام.

الحضور والتأثير العالمي

لقد نجحت الجماعة الإسلامية في ترسيخ حضورها خارج بنجلاديش. ففي باكستان، تظل الجماعة قوة سياسية بارزة، على الرغم من تورطها في أنشطة مسلحة من خلال جناحها الطلابي، الجماعة الإسلامية الطلابية. وللمنظمة علاقات مع جماعات مسلحة مختلفة، جماعة الإخوان المسلمين.

وفي أوروبا والولايات المتحدة، أنشأت الجماعة الإسلامية شبكة من خلال مجتمعات المهاجرين من جنوب آسيا. وهي نشطة بشكل خاص في المملكة المتحدة، حيث تؤثر على المنظمات الإسلامية والسياسات المجتمعية. وكانت الولايات المتحدة مناصرة قوية لمشاركة الجماعة في الحياة السياسية، وكثيراً ما حثت بنجلاديش على رفع القيود المفروضة على الجماعة

 

السياق المحلي.. إعادة تشكيل المشهد السياسي

يشكل رفع الحظر عن الجماعة الإسلامية تحولاً كبيراً في السياسة البنجلاديشية، حيث حظرت الحكومة هذه الجماعة في عام 2013، على خلفية تورط بعض أعضائها في أعمال عنف، خلال حرب الاستقلال.
قرار الحظر يدفع إلى التفكير في أن حكومة دكا تسعى لاستيعاب التيارات الإسلامية ضمن المنظومة السياسية الرسمية، وبالتالي استقطاب قاعدة أوسع قبيل الانتخابات المرتقبة في البلاد.
 

وعلى الصعيد الاجتماعي، يمكن أن يؤدي رفع الحظر إلى تعميق الانقسامات داخل بنجلاديش، حيث يعتبر البعض أن الجماعة الإسلامية تمثل خطرا على التعددية الدينية والسياسية، فيما يرى آخرون أن القرار يعزز الديمقراطية، ويتيح لجميع الأطراف فرصة المشاركة في العملية السياسية.

تأثيرات القرار على لعبة التوازنات في جنوب آسيا

جاء قرار بنجلاديش برفع الحظر عن الجماعة الإسلامية، في وقت تشهد فيه منطقة جنوب آسيا توترات متصاعدة بين الهند وباكستان.
 

وتسعى بنجلاديش لتعظيم دورها الاستراتيجي فيما يتعلق بتوازن الوضع الإقليمي، وعبر قرار رفع الحظر ستحصل حكومة بنجلاديش على فرصة لاستغلال الصلة الوثيقة بين الجماعة الإسلامية ـ عندما تنخرط في العمل السياسي الرسمي ـ وبين السلطات الباكستانية، لا سيما أن بنجلاديش تتمتع أيضا بعلاقة قوية جدا مع الهند، وبالتالي ستتمكن من جمع طرفي النقيض، ويتصاعد تأثيرها الإقليمي تلقائيا.

من ناحية أخرى، قد يؤدي هذا التطور إلى تعزيز العلاقات بين بنجلاديش وبعض الدول الإسلامية التي كانت تنتقد حظر الجماعة، مثل: تركيا، وقطر، ومن الممكن أن تسعى هذه الدول إلى دعم بنجلاديش اقتصاديا وسياسيا، بما يؤدي إلى تغيير ديناميكيات التحالفات في المنطقة.

انعكاسات قرار بنجلاديش على مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان

على المستوى الدولي، فإن رفع الحظر عن الجماعة الإسلامية، تنظر إليه الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، بعين القلق، خوفا من أن يكون بداية لتراجع التزام بنجلاديش بمكافحة التطرف، إلا أنه في المقابل يرى البعض أن إشراك الجماعة الإسلامية في العملية السياسية، سيسهم في تقليل العنف وفتح قنوات للحوار.

من جهة أخرى، قد يشجع هذا القرار منظمات حقوق الإنسان، التي طالما انتقدت حكومة بنجلاديش بداعي قمعها للمعارضة السياسية، على تحسين نظرتها للدولة الآسيوية.

الأزمة في هذا الملف أن إعادة دمج الجماعة الإسلامية في الحياة السياسية قد يؤدي إلى تصاعد الانتقادات الحقوقية، وليس تراجعها، إذا استمر تورط الجماعة في أنشطة مخالفة لحقوق الإنسان، وبخاصة أعمال العنف والإرهاب.
 

أخيرا يجب أن نوضح أن قرار رفع الحظر عن الجماعة الإسلامية في بنجلاديش يمثل تحولا كبيرا في السياستين الداخلية والخارجية للبلاد. وبينما قد يوفر هذا القرار فرصة لإعادة بناء النسيج السياسي البنجلاديشي بطريقة أكثر شمولية، فإنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة تتعلق بالاستقرار الداخلي، والعلاقات الإقليمية والدولية.
لذلك ستظل العيون متجهة نحو تطورات الأوضاع في بنجلاديش خلال الأشهر المقبلة حيث سيكون لهذا القرار تداعيات واسعة النطاق يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي في جنوب آسيا برمته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق