تدبير المالية العمومية للمغرب في الميزان.. نقاط القوة ومجالات التحسين

0 تعليق ارسل طباعة

وضع تقرير نهائي، قُدمت ونوقشت نتائجه الخميس بالرباط، وأنجز ضمن برنامج “تقييم أداء نُظم تدبير المالية العمومية” المعروف اختصارا بـ PEFA 2023، والذي قامت به مجموعة البنك الدولي بتعاون مع وزارة الاقتصاد والمالية بمعية شركاء ماليين وتقنيين آخرين، تدابيرَ وسياسات “الإنفاق العمومي والمساءلة المالية” محط تقييم معمق.

وحسبما استقرأته هسبريس ضمن مضامين التقرير الكامل في نسخته النهائية، أشاد خبراء البنك الدولي المشاركون في عمليات التقييم، أساسا، بنقاط القوة والتحسن المسجلة خلال فترة التقييم 2020–2022، فيما لم يفُتْهم تعرية بعض مكامن الخلل أو الضُّعف، مع مقترحات ومسارات للتطوير.

منهجياً، أثار معدو تقرير “بيفا 2023” الانتباه إلى اعتمادهم “مقاربة مبتكرة ومبسَّطة” خلال هذه العملية تحت مسمى “PEFA-Agile”، معلنين أن “فترة التقييم غطَّت السنوات 2020-2022 لجميع المؤشرات الواردة في التقرير، باستثناء تلك الواردة في إطار الركيزة الأولى من برنامج تعزيز القدرة التنافسية في القطاع المالي، والتي استند التصنيف فيها إلى السنة المالية 2021 فقط، بسبب الصدمتيْن الخارجيتين الرئيسيتيْن (الأزمة الصحية والحرب في أوكرانيا)، اللتيْن أثرَتـا على مداخيل الدولة، بشكل ظرفي، خلال السنتين الماليتيْن 2020 و2022”.

“نقاط قوة” ولكن..

سجل التقرير، الذي طالعت جريدة هسبريس الإلكترونية نسخة كاملة منه منشورة في أزيد من 200 صفحة، أبرز “نقاط القوة”، مع ذكره “المجالات التي تحتاج إلى تحسين في نظام تدبير المالية العمومية” بالمغرب.

التقرير سجل بإيجابية كبيرة، ضمن أبرز الخلاصات، أن “المالية العامة في المغرب تحسَّنَ تدبيرها بشكل ملحوظ، إذ أظْهَرَت تسعة مؤشرات تقدّمًا واضحا”.

ويتعلق هذا التقدم بجوانب مختلفة مثل “توثيق الميزانية، وإدارة المعاملات غير المبلَّغ عنها، والتحويلات إلى الإدارات دون الوطنية، واستخدام معلومات الأداء، والتنبؤات الاقتصادية الماكرواقتصادية، فضلا عن وضع الميزانية متوسطة الأجل، ومحاسبة الإيرادات والمداخيل، وتدبير متأخرات النفقات، فضلا عن المراجعة الداخلية للحسابات”.

في المقابل ورغم كل التحسن المسجل في النقاط السابقة، سجل خبراء البنك الدولي “ملاحظة أن مؤشرًا واحدًا، وهو فحص مشروع قانون المالية السنوي من قبل السلطة التشريعية، سجل انخفاضًا في الأداء. ويَرجع هذا الانخفاض، وفقهم، “على وجه الخصوص إلى الزيادات الكبيرة في الإنفاق بمرسوم حكومي خلال السنة المالية 2022”.

كما ظل أداء 10 مؤشرات أخرى مستقراً، في حين تعذر تقييم 11 مؤشراً بشكل مقارن بسبب التغييرات المنهجية أو الاختلافات عن التقييم السابق.

تنافسية وشفافية الصفقات

“يتم منح الصفقات العمومية في المغرب بشكل عام من خلال إجراءات تنافسية، مما يساهم في كفاءة وفعالية الخدمات”، تسجل إحدى أبرز خلاصات التقرير، الذي أكد أن “عمليات المراجعة الداخلية للحسابات تُجرى بانتظام، وتتوفر تقاريرها على بوابة الصفقات العمومية”.

كما استحضر التقرير “مسطرة تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة المالية العمومية من خلال مرسوم صادر في أبريل 2023 يَفرض نشر ملخصات هذه التقارير” (إحالة مرجعية إلى المادة 159).

وتابع معدو التقرير “تُظهر هذه التدابير التزامَ المغرب بتحسين إدارة وتدبير المالية العمومية واستخدام الموارد بفعالية وكفاءة، إذ يعد هذا الالتزام بالشفافية والمساءلة في الإدارة المالية العامة خطوة إيجابية نحو الاستخدام الفعال والكفء للموارد العمومية”. وأضافوا بنبرة إشادة واضحة “يُظهر نشر تقارير مراجعة الحسابات والتحسين/ التطوير المستمر لمؤشرات أداء التدبير المالي التزام الحكومة بتحسين ممارسات الإدارة المالية العمومية في المغرب”.

31 مؤشرا بثلاثة أهداف

اعتمد تقييم الإنفاق العمومي والمساءلة المالية لسنة 2023 على التحليل الموضوعي لـ31 مؤشرا، تتوزع على 7 محاور، وتشمل 3 أهداف كبرى لهذا التقييم.

بخصوص الهدف الأول “الانضباط الميزانياتي”، قال التقرير إن “إدارة الموارد المالية تستند إلى إطار تنظيمي متين، بما في ذلك على وجه الخصوص القانون التنظيمي للمالية والقوانين الأساسية التي تحكم الجماعات الترابية المحلية”.

التقرير وجد أن “النفقات تتماشى إلى حدٍ كبير مع الميزانية، والإيرادات قريبة من التوقعات”. وأضاف أن “إجمالي النفقات يتماشى بشكل عام مع الميزانية، باستثناء سنوات الأزمة (2020 و2022). وقد انحرف تكوين النفقات حسب التصنيف الإداري عن الميزانية بأقل من 5 بالمائة عام 2021، ولكن بأكثر من 15 بالمائة عامي 2020 و2022 بسبب هاتين الأزمتين المتتاليتين. ظلت النفقات المموّلة من الاحتياطيات للنفقات غير المتوقعة في المتوسط أقل من 1 بالمائة من الميزانية الأولية”.

بالمقابل لاحظ التقرير أن “شفافية الميزانية لم تصل بعد إلى المستوى الأمثل. ويُمكن تحسين تدبير الديون والتنبؤ بالميزانية، ولا تزال التقارير المالية متأخرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب سيناريوهات بديلة واستراتيجية رسمية للميزانية قد يقلل من موثوقيتها أو مصداقيتها. وفيما يتعلق بتدبير الخزينة يتم توحيد الأرصدة بانتظام، ولكن لا يتم إصدار تقارير”.

وبشأن هدف “التخصيص الاستراتيجي للموارد”، أبرز التقرير أن “المواءمة المنتظمة للمداخيل والنفقات مع المبالغ المدرجة في الميزانية في البداية تشهَد على كفاءة تخصيص الموارد”. قبل أن يشير إلى أن “التحويلات من الحكومة المركزية إلى الجماعات تفتقر إلى الشفافية، ولا يتم تبادل المعلومات حول هذا الموضوع بشكل منهجي. أما الاستثمار العمومي، فيتم إجراء تحليلات الربحية الاقتصادية للمشاريع الكبرى”.

وبخصوص الهدف الثالث، المتعلق بـ”فعالية استخدام الموارد في تقديم الخدمات العمومية”، أوضح المصدر ذاته أن “فعالية تقديم الخدمات تتعزز من خلال النشر السنوي للمعلومات المتعلقة بأهداف البرامج ومؤشرات الأداء الرئيسية والخدمات المقدمة والنتائج المتوقعة لجميع الإدارات المقدِّمة للخدمات. غير أن هذه الفعالية تعُوقها مشاكل الشفافية المرتبطة بالتأخير في النشر أو عدم نشر بعض الوثائق”.

وأثار التقرير الانتباه إلى أن طبيعة هذه الوثائق تشمل “تقرير تدقيق الأداء الصادر عن المفتشية العامة للمالية بشأن تقارير الأداء السنوية لمختلف الهيئات الحكومية والهيئات العمومية، ومتأخرات الإيرادات، وبعض أوجه القصور في اللوائح المتعلقة بالصلاحيات الممنوحة للجنة الوطنية للطلبيات العامة لتحسين النزاهة في عملية مَنح الصفقات”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق