موالون للبوليساريو يلعبون "ورقة اللجوء" لتشويه المغرب وإحراج إسبانيا

0 تعليق ارسل طباعة

بدا لافتا في الفترة الأخيرة توجه عدد من “الصحراويين” في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، بإيعاز ودعم من بعض الجمعيات “الحقوقية” المتعاطفة مع البوليساريو، لتقديم ملفات لطلب اللجوء إلى السلطات في مدريد بمجرد وصولهم إلى الأراضي الإسبانية بمبرر تعرضهم لانتهاكات حقوقية في المغرب، وهو ما اعتبره مهتمون محاولة لتشويه صورة المملكة وإقحام هذا الملف في النقاش السياسي الإسباني من أجل حث حكومة بيدرو سانشيز على إعادة مراجعة العلاقات مع الرباط التي عرفت دينامية كبيرة منذ أبريل من العام 2022.

وعلى الرغم من “التهافت المفاجئ” لـ”الصحراويين” على طلبات اللجوء في إسبانيا، إلا أن سلطات هذه الأخيرة رفضت في عديد المناسبات الاستجابة لهذه الطلبات، وهو ما دفع عددا من الأشخاص والهيئات الموالية لجبهة البوليساريو إلى الاحتجاج أمام مقر وزارة الداخلية الإسبانية من أجل الضغط عليها لتجنب عدم ترحيل المرفوضة طلباتهم، حيث سبق لفرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية في مدريد، أن أكد أن “جميع أولئك الذين لم يعتبروا مستحقين للحماية الدولية وفقا للقانون، سيتم ترحيلهم”.

التزامات مغربية

أوضح عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش” نائب منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، أن “تناسل طلبات اللجوء لأشخاص صحراويين قادمين من الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، لا يمكن تبريره بالتعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، نظرا لأن الادعاء بحدوث انتهاكات جسيمة في الأقاليم الصحراوية يستدعي تقديم دلائل ومعلومات دالة على وقوع تلك التجاوزات، وهو ما ينافي الحقيقة والواقع ويتعارض مع التزامات المغرب عقب تصديقه على الاتفاقيات التسع الأساسية لحماية حقوق الإنسان”.

وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تقديم ملفات طلب اللجوء هذه إنما تهدف إلى الضغط على السلطات الإسبانية في أفق تحقيق اختراق حقوقي جديد في الساحة الإسبانية على حساب المملكة المغربية التي ترأس مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة”، مشددا على أن “تحالف المنظمات غير الحكومية لم يقف قط على حالات انتهاكات جسيمة في الأقاليم الجنوبية يمكنها تشجيع الأشخاص الصحراويين على طلب اللجوء في إسبانيا أو في غيرها، بعد تدشين المملكة المغربية مسار عدالة انتقالية ناجح بالمعايير الدولية المتعرف بها في سياق المصالحات الوطنية وتسوية ملفات الانتهاكات الجسيمة”.

وبين المتحدث أن “هذه الحملة الموجهة التي توظف قوانين اللجوء، ترجع إلى رغبة الجمعيات الإسبانية الداعمة لتنظيم البوليساريو بفرملة إرادة الحكومة في مدريد في موضوع تحسين العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية، وتعزيز مجال التعاون ليشمل حزمة من القضايا ضمنها الموقف من مغربية الصحراء، وإدراج المجال الترابي للأقاليم الجنوبية في مخططات الاستثمار الدولي، وتسوية الملفات العالقة بخصوص الحدود البحرية والمجال الجوي، وفتح الصحراء على الرأسمال الإسباني، وهي تدابير وإجراءات تسحب البساط من تحت أقدام قوى اليمين والمنظمات الداعمة لجبهة البوليساريو”.

وذكر عبد الوهاب الكاين أن النداءات التي تدعي أحقية الصحراويين الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا انتهاكات السلطات المغربية في اللجوء إلى إسبانيا باعتبارها القوة المديرة للإقليم، “تجد صدى لدى بعض المتعاطفين مع قيادة البوليساريو، خصوصا النشطاء الذين يرون في تلك الإعلانات فرصة لإحراج المغرب أمام الرأي العام الدولي وفي استحقاقات أممية للنيل من سمعته الحقوقية ومحاولة تعكير صفو رئاسته لمجلس حقوق الإنسان”، مسجلا “غياب دور منظمات المجتمع المدني المستقلة في نشر المعرفة بمخاطر طلب اللجوء في ظل وضعية الاستقرار والأمن والضمانات الدستورية والقانونية التي ينعم بها الأشخاص والجماعات في أقاليم الصحراء دون تمييز أو استثناء”.

ودعا رئيس منظمة “أفريكا ووتش” نائب منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إلى “التشبث باحترام القوانين وصيانة الأمن والاستقرار، وعدم إشاعة الخطابات التحريضية على اللجوء، لأنها لا تنشئ حقوقا ولا ترتب التزامات في ظل استقرار وأمن مناطق انطلاق طالبي اللجوء، وأن أي ملتمسات ستقابل بالرفض والترحيل، ما لم يثبت طالب اللجوء مبررات قوية لتعرضه لاضطهاد أو قمع سياسي شديد أو حيازته لدلائل قوية باحتمال تعرض حياته لخطر الموت أو التعذيب، وهو ما يتنافى كليا مع سياق الوضع في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية”.

محاولات إحراج

قال محمد عطيف، باحث في القانون الدولي، إن “الوضعية الحقوقية في الأقاليم الجنوبية للمملكة جد عادية وتضمن مساحة كبيرة لحرية التعبير والرأي، حيث عمل المغرب على مدى سنوات وبشكل طوعي على خلق دينامية حقوقية جديدة في البلاد من خلال النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في الصحراء عبر إحداث مجموعة من الآليات على غرار اللجان الجهوية لحقوق الإنسان”.

وأضاف عطيف، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المملكة حققت تراكمات جد مهمة على المستوى الحقوقي لقيت إشادات وطنية ودولية واسعة، وهو ما مكنها من رئاسة أكبر المؤسسات الأممية المعنية بحقوق الإنسان”، مسجلا أن “عودة ملف طلبات اللجوء التي يتقدم بها بعض قاطني الأقاليم الجنوبية في إسبانيا إلى البروز في هذا التوقيت بالضبط، تجد تفسيرا في مجموعة من العوامل والأسباب التي تروم تلطيخ سمعة المغرب الحقوقية”.

وفي استعراضه لهذه العوامل، أوضح الباحث ذاته أن “جنوح مجموعة من الأشخاص، بإيعاز من بعض الجمعيات المدافعة عن الطرح الانفصالي، إلى تقديم طلبات لجوء في الأراضي الإسبانية بدعوى تعرضهم لانتهاكات حقوقية من طرف السلطات المغربية، إنما يروم التشويش على المغرب وعلى مخرجات التقييم الدوري الذي تخضع له المملكة حول حالات الاختفاء القسري على هامش أشغال الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان”.

وتابع بأن “فبركة الملفات الحقوقية ضد المغرب وصنع وقائع غير صحيحة من أجل الحصول على الإقامة في إسبانيا أو في إحدى الدول الأوروبية، تعود إلى الظهور بقوة غداة الاجتماعات الأممية، خاصة اجتماع مجلس الأمن المرتقب في الشهر القادم لمناقشة الوضع في الصحراء وإصدار قرار جديد للتمديد لبعثة المينورسو”، معتبرا أن “رفض السلطات الإسبانية طلبات اللجوء هذه يعود بالأساس إلى وعيها وتقديرها لحجم الإصلاحات التي أجراها المغرب على المستوى الحقوقي، وإلى تفطنها لكون هذه الملفات يتم استعمالها من أجل ضرب العلاقات بين الرباط ومدريد ومحاولة إحراج هذه الأخيرة”.

وخلص عطيف إلى أن “الأحرى بالجمعيات وبالحقوقيين الذين يتبنون هذه الملفات ويضغطون على وزارة الداخلية الإسبانية لقبول طلبات اللجوء التي يقدمها أشخاص قادمون من الصحراء المغربية، أن تعمل على فضح الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها مخيمات تندوف بشكل ممنهج ودوري، وهو ما تؤكده العديد من التقارير وينطق به لسان مجموعة من ضحايا البوليساريو الذين تمكنوا من الهروب من تندوف ليكشفوا للعالم حقيقة الوضع الإنساني والحقوقي فوق هذه الرقعة الجغرافية الجزائرية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق