واردات الصين من الفحم الروسي.. كيف أسهمت سياسات بكين في خفضها؟ (مقال)

0 تعليق ارسل طباعة

اقرأ في هذا المقال

  • • الحكومة الصينية فرضت رسومًا جمركية على استيراد الفحم الحراري وفحم الكوك
  • • صناعة الفحم المحلية في الصين شهدت نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة
  • • الصين شكّلت أكثر من نصف جميع شحنات الفحم الروسية في عام 2023
  • • يستمر الطلب العالمي على النفط في النمو خصوصًا في البلدان النامية

تراجعت واردات الصين من الفحم الروسي، بفضل سياسات الطاقة المحلية لدى بكين، وقراراتها الاقتصادية الإستراتيجية.

ويحمل انخفاض الواردات هذا، الذي يعكس جزئيًا التحولات الأوسع في إستراتيجية الطاقة الصينية، آثارًا كبيرة في شركات مناجم الفحم الروسية، وسوق الفحم العالمية، والمشهد الجيوسياسي.

وتكشف البيانات الأخيرة عن انخفاض ملحوظ في واردات الصين من الفحم الروسي، على الرغم من مكانتها المستمرة بصفتها أكبر مستهلك عالمي لهذا الوقود.

يأتي ذلك على الرغم من أن الصين أدت في السنوات الأخيرة دورًا محوريًا في سوق الفحم العالمية، سواء بصفتها المستهلك الأكبر في العالم، أو لأنها مستورد كبير للفحم، خصوصًا من روسيا.

رسوم جمركية صينية على استيراد الفحم الروسي

فرضت الحكومة الصينية رسومًا جمركية على استيراد الفحم الحراري وفحم الكوك بنسبة 6% و3% على التوالي، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2024.

وحُدّدت هذه الرسوم لدعم صناعة الفحم المحلية في الصين، التي شهدت نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. وبحلول نهاية عام 2023، ارتفع إنتاج الفحم في الصين إلى 4 تريليونات و710 ملايين طن، بزيادة قدرها 23% مقارنة بمستويات ما قبل كوفيد في عام 2019.

وتُعد هذه الزيادة في الإنتاج المحلي مهمة، إذ تعادل 864 مليون طن إضافية من الفحم، أي ما يقرب من ضعف إنتاج الفحم السنوي في روسيا.

ويندرج توسع صناعة الفحم في الصين ضمن جهد أوسع، لجعل البلاد أكثر اكتفاءً ذاتيًا في مجال الطاقة.

ورغم ذلك، لم يقابل هذه الزيادة في الإنتاج ارتفاع مماثل في استهلاك الفحم، فقد تحوّلت الصين إستراتيجيا بعيدًا عن الفحم بصفته ركيزة مزيج الطاقة لديها.

على مدى العقد الماضي، سعت الحكومة الصينية إلى تصحيح اختلال التوازن الناجم عن الاعتماد الشديد على الفحم في قطاع الطاقة لديها من خلال الاستثمار بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة.

أحد مناجم الفحم بالقرب من بلدة بورودينو السيبيرية شرقي كراسنويارسك في روسيا
أحد مناجم الفحم بالقرب من بلدة بورودينو السيبيرية شرق كراسنويارسك في روسيا - الصورة من رويترز

وأصبحت الصين الآن الرائدة العالمية في الاستثمار بالطاقة المتجددة، وتجاوزت قدرتها المجمعة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي بلغت 1180 غيغاواط في عام 2024، قدرتها على توليد الكهرباء من الفحم لأول مرة.

ويعكس هذا التحول اتجاهًا أوسع في سياسة الطاقة في الصين نحو إزالة الكربون والاستدامة.

وتماشيًا مع هذه السياسة، قلّصت الصين، إلى حد كبير، الموافقات على محطات الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم.

وخفّضت البلاد الموافقات على محطات الفحم الجديدة بنحو 80% في النصف الأول من عام 2024، إذ شغّلت 14 محطة فقط بسعة إجمالية تبلغ 10.3 غيغاواط، وهو تناقض صارخ مع السنوات السابقة، وفقًا لتقرير منظمة السلام الأخضر في شرق آسيا.

وتؤكد هذه القرارات التزام الصين بتقليل اعتمادها على الفحم والانتقال إلى محفظة طاقة أكثر تنوعًا واستدامة. ويُعد هذا التحول بيئيًا واقتصاديًا، إذ تسعى الصين إلى تقليل التكاليف الطويلة الأجل المرتبطة بواردات الفحم وصيانة البنية التحتية.

أثر انخفاض واردات الصين من الفحم الروسي

أثر انخفاض واردات الصين من الفحم الروسي بصفة كبيرة في حجم الصادرات من موسكو.

إذ انخفضت صادرات الفحم الروسية بمقدار 1.7 مرة من حيث القيمة خلال الأشهر الـ7 الأولى من العام، لتبلغ 5.5 مليار دولار، وفقًا لبيانات الإدارة العامة للجمارك في جمهورية الصين الشعبية.

من حيث القيمة المادية، انخفضت الصادرات بنسبة 10% إلى 54.4 مليون طن، مع انخفاض حاد تحديدًا في يوليو/تموز 2024.

ويُعد هذا الانخفاض مثيرًا للقلق، نظرًا إلى أن الصين شكّلت أكثر من نصف جميع شحنات الفحم الروسية في عام 2023، بإجمالي 100.9 مليون طن، بزيادة قدرها 1.5 مرة مقارنة بعام 2022.

ويندرج انخفاض واردات الصين من الفحم الروسي، ضمن اتجاه أوسع يؤثر في شحنات الفحم الروسية على مستوى العالم. وقد انخفضت الصادرات إلى الهند، وهي سوق رئيسة أخرى، بنسبة 11.5% من حيث القيمة المادية خلال النصف الأول من العام، كما شهدت الصادرات إلى تركيا وكوريا الجنوبية انخفاضات كبيرة.

وتتفاقم هذه الانخفاضات بسبب التحديات اللوجستية داخل روسيا، خصوصًا القيود المفروضة على سعة السكك الحديدية العابرة لسيبيريا وخط بايكال-آمور الرئيس.

وتُعد ممرات النقل الرئيسة هذه بالغة الأهمية لنقل الفحم من مناطق الإنتاج في سيبيريا والشرق الأقصى الروسي إلى الأسواق الآسيوية، إلا أنها متعثرة حاليًا، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل والتأخير.

منجم فحم شياوباودانغ بمقاطعة شنشي في الصين
منجم فحم شياوباودانغ بمقاطعة شنشي في الصين – الصورة من رويترز

ويُعد هذا الوضع خطيرًا بالنسبة إلى منتجي الفحم في مناطق مثل كيميروفو وكوزباس، الذين يقعون بعيدًا عن شرايين النقل هذه، وقد اضطروا إلى إعادة توجيه صادراتهم بعد حظر الاتحاد الأوروبي واردات الفحم الروسية في أغسطس/آب 2022.

بدورها، تثير الاختناقات اللوجستية وتراجع الصادرات إلى الأسواق الرئيسة مخاوف جدية بشأن جدوى إنتاج الفحم الروسي في المستقبل.

وأصبحت التكاليف المرتبطة بنقل الفحم من المناطق النائية إلى أسواق جديدة مكلفة للغاية، ما يزيد من تآكل القدرة التنافسية للفحم الروسي على الساحة العالمية.

ونتيجة لهذا، قد يكافح العديد من منتجي الفحم الروس للحفاظ على الربحية، ما يؤدي إلى إغلاق محتمل وخسارة الوظائف في المناطق التي تعتمد كثيرًا على تعدين الفحم.

الإستراتيجية الروسية الجديدة للطاقة

تعمل وزارة الطاقة الروسية على تطوير إستراتيجية شاملة للطاقة من شأنها أن توجه سياسات إنتاج الطاقة وتصديرها في البلاد حتى عام 2050.

وتكتسب هذه الإستراتيجية أهمية خاصة في ضوء الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية التي واجهتها روسيا في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تأثير جائحة كوفيد-19، وتحول أسواق الطاقة العالمية، والعقوبات المفروضة في أعقاب تصرفات روسيا في أوكرانيا.

وتحدد الوثيقة، كما أوردتها صحيفة فيدوموستي، أهدافًا طموحة لمستقبل صناعات الغاز والفحم والنفط في روسيا.

وأثارت هذه الأهداف دهشة الخبراء، الذين يشككون في جدواها في ظل التحديات الحالية والمتوقعة.

إنتاج الغاز وتصديره.. أهداف طموحة ولكنها مشكوك فيها

تتوخى الإستراتيجية الشاملة للطاقة توسعًا كبيرًا في قدرات إنتاج الغاز وتصديره في روسيا.

ومن المتوقع أن يزيد إنتاج الغاز بحلول عام 2030 من 638 مليار متر مكعب في عام 2023 إلى 922 مليار متر مكعب، مع مزيد من النمو إلى تريليون متر مكعب بحلول عام 2050.

ومن المرجح أن ترتفع الصادرات بصورة ملحوظة، من 99.6 مليار متر مكعب في عام 2023 إلى 359 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، بزيادة 2.5 ضعفًا في 7 سنوات فقط.

وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تصل الصادرات إلى 421 مليار متر مكعب.

جدير بالذكر أن الإستراتيجية تتوقع أن تنمو صادرات الغاز المسال بمعدل غير مسبوق، إذ تزيد 6 أضعاف بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 2023.

وتُعد هذه الأهداف جريئة، لكن جدواها مشكوك فيها للغاية.

يزعم البعض أن الأرقام قد تكون متجذرة في افتراضات عفا عليها الزمن من إصدارات سابقة من إستراتيجية الطاقة، التي لم تُحدّث بصورة كافية، لتعكس حقائق ما بعد الوباء وما بعد العقوبات.

وواجهت إستراتيجية 2020، التي طُوّرت في ذروة جائحة كوفيد-19، انتقادات بسبب توقعاتها المتفائلة، وأصبح الوضع أكثر تعقيدًا منذ ذلك الحين.

ويكمن أحد التحديات الرئيسة لتحقيق هذه الأهداف في الضبابية المحيطة بصادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا وتركيا.

حاليًا، تزوّد روسيا أوروبا بنحو 27-30 مليار متر مكعب من خلال مسارات أوكرانيا وترك ستريم، ومن المتوقع أن تنخفض هذه الأحجام بسبب التوترات الجيوسياسية، وتحول أوروبا المتزايد نحو مصادر الطاقة البديلة.

الغاز المسال الروسي

حتى في السيناريوهات الأكثر تفاؤلًا، إذ يجري الحفاظ على نصف هذه الأحجام، يمكن أن ينخفض إجمالي صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا وتركيا إلى نحو 25 مليار متر مكعب، نزولًا من المستويات الحالية.

ويثير هذا الانخفاض الكبير تساؤلات بشأن توقعات الإستراتيجية، للحفاظ على 176 مليار متر مكعب من صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب بحلول عام 2030.

ويُعد الوضع غير مؤكد في الاتجاه الشرقي، ومن المتوقع أن يصل خط أنابيب "باور أوف سيبيريا"، الذي تبلغ طاقته التصميمية 38 مليار متر مكعب سنويًا، إلى قدرته الكاملة بحلول عام 2025 فقط.

أما خطط خط أنابيب "باور أوف سيبيريا 2"، الذي قد يضيف نظريًا 50 مليار متر مكعب أخرى، فما تزال في مرحلة التفاوض، ومن المرجح أن تمتد أعمال البناء وزيادة القدرة إلى ما بعد هدف عام 2030.

بالإضافة إلى ذلك، تظل احتمالات زيادة صادرات الغاز إلى آسيا الوسطى وعبر إيران مجرد تكهنات، في ظل عدم وجود اتفاقيات ملموسة أو بنية أساسية قائمة.

نمو الغاز المسال

تُعدّ توقعات إستراتيجية الطاقة لنمو الغاز المسال طموحة.

ولتحقيق هدف 2030 المتمثل في 183 مليار متر مكعب من صادرات الغاز المسال، ستحتاج روسيا إلى مضاعفة قدرتها الحالية على الغاز المسال 4 مرات.

وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 245 مليار متر مكعب، بزيادة 6 أضعاف عن عام 2023.

ويُنظر إلى هذه الأهداف على أنها متفائلة للغاية، بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الغاز المسال في روسيا.

ومن أكثر القضايا إلحاحًا تأثير العقوبات الغربية على مشروعات الغاز المسال في روسيا.

وقد واجه مشروع الغاز المسال آركتيك إل إن جي 2، وهو مشروع رائد، تأخيرات بسبب العقوبات التي قيّدت الوصول إلى التقنيات والموارد المالية الحيوية.

وواجهت المرحلة الأولى من المشروع، التي دخلت حيز التشغيل في عام 2024، صعوبات في تأمين ناقلات الغاز الجليدية اللازمة لنقل الغاز المسال، ما يسلط الضوء على التحديات اللوجستية والتقنية الأوسع نطاقًا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير مشروعات الغاز المسال الجديدة يعوقه نقص الاستثمار الأجنبي والتكاليف الباهظة المرتبطة ببناء محطات الغاز المسال واسعة النطاق دون استعمال التقنيات الغربية.

وعلى الرغم من أن روسيا طوّرت بعض القدرات المحلية لمحطات الغاز المسال الأصغر حجمًا، فإن توسيع نطاق هذه المحطات لتلبية الأهداف الطموحة المنصوص عليها في إستراتيجية الطاقة يتطلّب قفزة تكنولوجية كبيرة من غير المرجح أن تتحقق في الإطار الزمني المقترح.

ويبدو أن الإستراتيجية تفترض أن جميع مشروعات الغاز المسال التي أُعلنت في روسيا على مدى العقد الماضي سوف تؤتي ثمارها، وهو افتراض متفائل للغاية بالنظر إلى المناخ الجيوسياسي والاقتصادي الحالي.

ويزعم خبراء، مثل أليكسي غروموف من معهد الطاقة والتمويل، أن أهداف الغاز المسال في الإستراتيجية تحتاج إلى مراجعة جادة، لأنها لا تأخذ في الاعتبار العقبات العديدة التي قد تعوق تطوير وتوسيع قطاع الغاز المسال في روسيا.

النفط والفحم الروسيان.. توقعات متحفظة ولكنها واقعية

على النقيض من الأهداف الطموحة للغاز والغاز المسال، فإن التوقعات للنفط والفحم أكثر تحفظًا، ووفقًا للخبراء، تُعد أكثر واقعية.

وتتوقع إستراتيجية الطاقة زيادة طفيفة في إنتاج النفط بنسبة 1.7%، وزيادة بنسبة 3.8% في الصادرات بحلول عام 2030، لتصل إلى 243 مليون طن.

وتتوافق هذه الأرقام مع الاتجاهات الحالية، إذ يستمر الطلب العالمي على النفط في النمو، خصوصًا في البلدان النامية.

في المقابل، تعترف الإستراتيجية بالمخاطر المحتملة المرتبطة بارتفاع الطلب على النفط، خصوصًا في الصين، التي حددت هدفًا للحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وقد يؤدي هذا إلى انخفاض في استهلاك النفط بعد عام 2030، ويبدو أن الإستراتيجية تعتمد على استمرار نمو الطلب في مناطق أخرى، مثل أفريقيا، لتعويض أي انخفاض في الطلب الصيني.

وتُقاس التوقعات الخاصة بالفحم على نحو مماثل، إذ من المتوقع أن ينمو الإنتاج إلى 482 مليون طن بحلول عام 2030، و556 مليون طن بحلول عام 2050، وهو ما يمثّل زيادة بنحو الثلث عن مستويات عام 2023.

ومن المتوقع أن تصل صادرات الفحم الروسية إلى 254 مليون طن بحلول عام 2030، و338 مليون طن بحلول عام 2050.

وتتوقف هذه الأهداف على توسيع خطوط بوليغون الشرقية للسكك الحديدية، التي تشكّل أهمية بالغة لنقل الفحم إلى الأسواق الرئيسة في الصين وجنوب شرق آسيا.

ونظرًا إلى الاعتماد المستمر على الفحم في العديد من الاقتصادات الآسيوية، فإن هذه التوقعات تُعد قابلة للتحقيق، شريطة إجراء التحسينات اللازمة للبنية الأساسية.

التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية

تعكس الأهداف الطموحة التي حدّدتها إستراتيجية الطاقة الروسية الجديدة الرغبة في الحفاظ على دور البلاد، بل وتوسيعه بصفتها موردًا عالميًا رئيسًا للطاقة.

من ناحية ثانية، فإن جدوى هذه الأهداف متشابكة بصورة عميقة مع الحقائق الجيوسياسية التي قد لا تتوافق مع التوقعات المتفائلة للإستراتيجية.

وبالنسبة إلى صادرات الغاز، فإن الاعتماد على مشروعات غير مؤكدة، مثل باور أوف سيبيريا 2 والطريق الإيراني المحتمل، يؤدي إلى قدر كبير من الضبابية.

محطة ضغط الغاز التابعة لشركة غازبروم بمنطقة أوست لوغا في روسيا
محطة ضغط الغاز التابعة لشركة غازبروم بمنطقة أوست لوغا في روسيا – الصورة من بلومبرغ

وتقلّل الإستراتيجية من تقدير تأثير العقوبات الأوروبية والتحول نحو الطاقة المتجددة، وكلاهما من المرجح أن يقلل الطلب على الغاز الروسي في الأسواق الرئيسة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد الإستراتيجية على الحفاظ على طرق العبور الأوكرانية -وهي قضية مثيرة للجدال للغاية بالنظر إلى المناخ الجيوسياسي الحالي- يزيد من تعقيد آفاق صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب.

في قطاع الغاز المسال، فإن أهداف الإستراتيجية طموحة إلى حد أنها غير واقعية، بالنظر إلى التحديات التي تفرضها العقوبات والقيود التكنولوجية والافتقار إلى أسطول كافٍ من فئة الجليد.

وسوف يعتمد نجاح طموحات روسيا في مجال الغاز المسال، إلى حد كبير، على قدرتها على التغلب على هذه العقبات، وهو ما يبدو مستبعدًا في ظل الظروف الحالية ضمن الإطار الزمني المقترح.

من ناحية أخرى، تبدو التوقعات المتعلقة بالنفط والفحم أكثر رسوخا في الواقع، وإن كانت لا تزال تحمل مخاطر كبيرة.

وتفترض الإستراتيجية استمرار نمو الطلب في البلدان النامية، ولكن هذا يتوقف على عدد من العوامل، بما في ذلك الاستقرار الاقتصادي العالمي ووتيرة تحول الطاقة.

بالنسبة إلى توقعات الفحم، على الرغم من كونها أكثر تحفظًا، فإنها تعتمد إلى حد كبير على تحسينات البنية الأساسية التي قد تتأخر أو تتقلّص بسبب القيود المالية.

خلاصة القول، تحدد إستراتيجية الطاقة الجديدة في روسيا أهدافًا طموحة لمستقبل قطاع الطاقة لديها، ولكن هذه الأهداف تشوبها شكوك كبيرة.

والواقع أن التوقعات المتفائلة التي تتضمّنها الإستراتيجية فيما يتصل بصادرات الغاز والغاز المسال تُعد موضع شك، نظرًا إلى التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والتكنولوجية المقبلة.

ورغم أن الأهداف المتعلقة بالنفط والفحم أكثر واقعية، فإنها ما تزال تتوقف على عوامل قد لا تتحقق بالكامل كما هو متوقع.

ومع تقدم روسيا في تنفيذ هذه الإستراتيجية فسوف تحتاج إلى أن تظل قادرة على التكيف والاستعداد لمراجعة أهدافها استجابة إلى الديناميكيات العالمية المتغيرة.

فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

0 تعليق