منصة جدارات .. مستقبل التوظيف في السعودية

0 تعليق ارسل طباعة

الأسبوع الماضي، زفت سلطات العمل في السعودية إلى الباحثين عن العمل خبرًا سارًا، مهمة البحث عن الوظائف أصبحت أسرع وأسهل من أي وقت مضى. كما وفرت للجهات التي تبحث عن موظفين منصة موحدة لطرح الوظائف بدلاً من بعثرتها هنا وهناك.

في عصر تتسارع فيه التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، تبرز الحاجة إلى منصات توظيف مبتكرة وفعالة تلبي احتياجات سوق العمل المتنامي. المملكة العربية السعودية، بخطوة جريئة نحو المستقبل، أطلقت منصة “جدارات” التي لا تقتصر فقط على عرض الوظائف، بل تسعى لتكون مرآة تعكس ديناميكيات سوق العمل وتوجهاته. تخيل منصة توظيف تعمل كالبورصة، تقدم لك نسب التوظيف والبطالة بشكل دوري، وتساعدك في فهم احتياجات السوق وتوجهاته. منصة لا تقتصر على الباحثين عن العمل لأول مرة، بل تفتح أبوابها أيضًا لأولئك الذين يسعون لتغيير مسارهم المهني.

إطلاق منصة “جدارات” يحمل في طياته أثرًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا. اقتصاديًا، تساهم المنصة في تحسين كفاءة سوق العمل من خلال توفير بيانات دقيقة تساعد في توجيه الاستثمارات وتحديد القطاعات الأكثر احتياجًا للعمالة. اجتماعيًا، تعزز المنصة من فرص التوظيف وتقلل من معدلات البطالة، مما يساهم في رفع مستوى المعيشة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

يرى الكثيرون أن “جدارات” يجب أن تتجاوز كونها مجرد وسيلة لعرض الوظائف. فالأمر يتطلب بناء نظام متكامل يوفر تحليلات دقيقة لسوق العمل، مثل نسب التوظيف الأسبوعية والشهرية ومؤشرات البطالة. هذا الأمر سيساعد في تحديد المناطق التي تعاني من نقص في فرص العمل، وبالتالي توجيه الجهود التنموية بشكل أكثر فعالية.

كما انها يجب أن تكون المنصة صديقة للمستخدم، ليس فقط للخريجين الجدد، بل أيضاً للباحثين عن عمل ذوي الخبرة. يجب أن تركز على إبراز الخبرات والمهارات بدلاً من التركيز المفرط على الشهادات الأكاديمية. هذا الأمر سيساعد في استقطاب الكفاءات الوطنية وتوظيفها في الوظائف المناسبة.

من المنتظر أن تساهم “جدارات” في تحسين جودة البيانات المتاحة عن سوق العمل، مما يساعد صناع القرار على اتخاذ قرارات أكثر استنارة. فمن خلال توفير معلومات دقيقة وشاملة، يمكن للمنصة أن تساهم في وضع السياسات التي تدعم نمو الاقتصاد وتوفير فرص عمل مستدامة، وهي تعد جزءاً لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام. من خلال تسهيل عملية التوظيف وتحسين كفاءة سوق العمل، تساهم المنصة في تحقيق أهداف الرؤية الطموحة.

اطلعت على تجارب بعض الدول في هذا الخصوص وطريقة عملها ومخرجاتها، فوجدت على سبيل المثال في سنغافورة لديهم منصة MyCareersFuture بمعنى مستقبلي المهني وهذه المنصة توفر معلومات شاملة عن سوق العمل بما في ذلك نسب التوظيف والبطالة، وتتيح للباحثين عن العمل عرض خبراتهم وشهاداتهم المهنية بسهولة، ونفس الحال في المانيا من خلال منصة Jobbörse او بورصة العمل ان كنت ترجمتها صح، اما كندا فهي من خلال منصة بنك الوظائف Job Bank ، ونفس الحال في هولندا وبلجيكا ونيوزلندا والنرويج، فهي الى جانب المعلومات الشاملة عن الوظائف المتاحة في مختلف القطاعات، فهي تقدم تحليل عن سوق العمل و نسب التوظيف والبطالة بصفة دورية، ومعظم هذه المنصات تتكامل في جمع البيانات من الباحثين عن العمل وأصحاب العمل عبر استبيانات، هذه البيانات تشمل معلومات عن الوظائف المتاحة وعدد المتقدمين ونسب التوظيف، كما تتكامل في قواعد البيانات الوطنية، مثل السجلات المدنية وسجلات التأمينات الاجتماعية للحصول على بيانات دقيقة حول التوظيف والبطالة، وبالتالي هذا يساعد في اصدار التقارير الدورية بحيث تشمل نسب التوظيف والبطالة، وتوزيع الوظائف حسب القطاعات والمناطق الجغرافية، مما يسهل لصناع القرار في اتخاذ القرارات المفيدة، ونجاح هذه التقارير يعتمد على تحديثها بشكل مستمر لضمان دقتها وملاءمتها للوضع الحالي في سوق العمل.

استوقفني منصة NAV وهو نظام التوظيف الشامل الذي تعتمده النرويج، لكونها تطبق أفضل الممارسات في مجال التوظيف وتبرز كنموذج متميز، وتوفر من خلال منصتها معلومات شاملة عن سوق العمل، وتتيح للباحثين عن العمل عرض خبراتهم وشهاداتهم المهنية بسهولة، مع اظهار نسب التوظيف والبطالة، كما تتميز بالتعريف بحقوق العمال والاجازات المدفوعة وأيضا ساعات العمل وحماية العمال من التمييز، كما تتضمن القوانين النرويجية، بالطبع هذه العوامل تجعل النرويج نموذجا في مجال التوظيف وإدارة سوق العمل.

طموحاتنا من “جدارات” تتجاوز مجرد عرض الوظائف، فنحن نطمح ان تكون هذه المنصة بمثابة بورصة للوظائف، تقدم لنا تحليلات دقيقة عن سوق العمل، مثل نسب التوظيف الأسبوعية والشهرية، ومؤشرات البطالة، هذه البيانات القيمة ستمكننا من تحديد المناطق التي تعاني من نقص في فرص العمل، وبالتالي توجيه الجهود التنموية بشكل اكثر فعالية، إضافة الى ذلك فإنها ستساعد في تحديد القطاعات التي تشهد نموا، وبالتالي تشجع الشباب على دراسة التخصصات المطلوبة في سوق العمل، رغم علمنا ان الإمكانات الكبيرة التي توفرها “جدارات”، الا انها تواجه بعض التحديات مثل الحاجة الى زيادة الوعي بالمنصة وتشجيع الشركات على استخدامها، كما يتطلب نجاخ المنصة التعاون المستمر بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص، فهي تمثل خطوة مهمة في مسيرة تطوير سوق العمل السعودي، الا انه لتحقيق اقصى استفادة منها ، يجب ان تتطور لتلبية احتياجات السوق المتغيرة وان تلعب دورا محوريا في تحقيق اهداف رؤية 2030 من خلال الاستثمار في هذه المنصة وتطويرها باستمرار، يمكن السعودية ان تبني اقتصادا مزدهرا يوفر فرص عمل واعدة لأبنائها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق