«فايننشال تايمز»: إسرائيل وحزب الله يتأرجحان بين الضغوط الداخلية والتصعيد العسكري.. نصر الله: لا نزال نقيّم تأثير قصفنا مواقع عسكرية شمال الاحتلال وقاعدة استخباراتية قرب تل أبيب

0 تعليق ارسل طباعة
google news

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن الظروف لا تزال مواتية لاندلاع صراع أوسع نطاقًا، على الرغم من المحاولات الجارية لتهدئة التوترات في أعقاب تبادل إطلاق النار الذي بين حزب الله وإسرائيل وقع يوم الأحد.

أوضحت الصحيفة أن تعهد حزب الله بالانتقام لمقتل أحد كبار مسئوليه الشهر الماضي أثار مخاوف واسعة النطاق بين اللبنانيين والإسرائيليين من أن يشكل هذا الحدث بداية تصعيد غير مسبوق للأعمال العدائية المستمرة منذ عشرة أشهر بين حزب الله وإسرائيل. 

وأضافت الصحيفة أن القصف الانتقامي الذي شنّه حزب الله يوم الأحد، والذي أعقبته ضربة استباقية من إسرائيل على مواقع إطلاق الصواريخ، قد شكل أكبر تبادل لإطلاق النار بين الجانبين منذ عام ٢٠٠٦، ومع ذلك، كلا الجانبين أرسل إشارات في وقت لاحق من اليوم إلى ضرورة خفض التصعيد. 

وتابعت الصحيفة قائلة: إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت صرح بأن إسرائيل لا تسعى إلى "تصعيد إقليمي".

وأضافت أن زعيم حزب الله، حسن نصر الله، أشار إلى أن جماعته لا تزال تقيم تأثير القصف الذي استهدف مواقع عسكرية في شمال إسرائيل وقاعدة استخباراتية بالقرب من تل أبيب، وأوضح نصر الله أنه إذا اعتبر القصف ناجحًا، "فسنعتبر أن عملية الرد قد انتهت".

لكن الصحيفة أوضحت أنه بحلول يوم الاثنين، عاد الجانبان إلى تبادل إطلاق النار عبر الحدود على مستوى أقل، وهو نمط ميز الأشهر العشرة الماضية، وأفاد المحللون بأن مخاطر التصعيد الأوسع لا تزال قائمة، إما نتيجة لسوء التقدير أو الضغوط الداخلية في كلا البلدين.

من جهتها؛ قالت ريم ممتاز، المحللة المتخصصة في شئون الشرق، إن كلًا من إسرائيل وحزب الله سارعوا إلى المبالغة في نجاح عملياتهما يوم الأحد، مما يشير إلى أنهما في الوقت الحالي يفضلان البقاء تحت عتبة الحرب الشاملة. وأضافت ريم أن الاشتباكات المتبادلة على الحدود لا تزال تنطوي على مخاطر عالية للتصعيد، حيث سيواصل كل من الطرفين دفع حدود الأهداف المقبولة في محاولة لصياغة قواعد اشتباك جديدة.

وفي إسرائيل، قالت الصحيفة إن الضغط الرئيسي على حكومة بنيامين نتنياهو لتبني نهج أكثر عدوانية تجاه حزب الله يأتي من عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من شمال البلاد، والذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم منذ عشرة أشهر بسبب الأعمال العدائية. وأوضحت الصحيفة أن رؤساء بلديات ثلاث مجتمعات شمالية أعلنوا يوم الأحد أنهم سيعلقون الاتصال مع الحكومة حتى تجد "حلًا كاملًا لسكان وأطفال الحدود الشمالية"، زاعمين أن احتياجاتهم قد تم تجاهلها. 

وقال نيسان زئيفي، عامل تقني سابق من كفار جلعادي، وهو كيبوتس يقع بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع لبنان وتم إخلاؤه، "إن المشاعر السائدة في الشمال هي الإحباط" نحن محبطون لأن [الجيش الإسرائيلي] أخذ زمام المبادرة أخيرًا ثم توقف بعد بضع ساعات".

وأضاف زئيفي: "يتعين علينا أن نجد حلولًا، وإلا فسوف نرى أسرًا بأكملها تغادر المنطقة إلى الأبد وبعد مرور ١١ شهرًا نقول "هذا يكفي". يتعين علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة".

وأشارت الصحيفة إلى أن السياسيين المعارضين في إسرائيل قدموا مطالب مماثلة، حيث قال بيني جانتس، زعيم حزب الوحدة الوطنية الوسطي، أن الضربة الاستباقية التي شنتها إسرائيل كانت "غير كافية ومتأخرة للغاية"، بينما وصفها جدعون ساعر، رئيس حزب الأمل الجديد، بأنها "البديل الاستراتيجي الأقل صحة". وكتب ساعر في تغريدة له على موقع "إكس" أن "الضربة الإسرائيلية كانت استمرارًا لسياسة الاحتواء، وكان ينبغي لهذه الفرصة أن تؤدي إلى اتخاذ قرار بشن هجوم استباقي شامل لتغيير الواقع في الشمال". وفي الوقت نفسه، حزب الله في لبنان كان يتصارع مع احتياجاته المتناقضة وأن الهجوم الصامت الذي شنته الجماعة يوم الأحد باستخدام أسلحتها البدائية وتجنب الأهداف المدنية كان بمثابة إشارة واضحة إلى رغبتها في تجنب التصعيد المحتمل، حتى في ردها على اغتيال قائدها فؤاد شكر.

وقال مهند الحاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز كارنيغي في بيروت، إن "الاستجابة كانت مخيبة للآمال إلى درجة أن نصر الله اضطر إلى شرحها للناس في خطاب دام ساعة". وأضاف الحاج علي أن حزب الله يواجه مشكلة في الظهور بمظهر قوي في مواجهة عدوه، وهو ما يعتبره الحزب مشكلة وجودية.

كما أشارت ريم ممتاز إلى أن إسرائيل قامت "بتدمير الأهداف المدنية والأراضي الزراعية وآبار المياه، وإضعاف بعض قدرات حزب الله المادية والبشرية"، بينما يكافح حزب الله للحصول على ثمن مناسب، رغم نجاحه في تهجير عشرات الآلاف من الإسرائيليين بالقوة. 

ويرى الخبراء أن هذا الخلل قد يدفع حزب الله إلى شن هجوم آخر على إسرائيل في المستقبل. 

من ناحيته أشار مهند الحاج إلى أن هناك حالة متنامية داخل حزب الله تدعو إلى التصعيد لأنهم يدركون داخليًا أنهم يبدون ضعفاء، وإن التصعيد في الوقت المناسب قد يساعدهم في إعادة ترسيخ قوة الردع.

واختتمت الصحيفة بالقول إن إيران تلعب دورًا مهمًا في تحديد ما إذا كان الوضع سيتصاعد أم لا. وأوضحت أن إيران تعهدت بالرد على إسرائيل لاغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي حدث في طهران في اليوم التالي لقتل إسرائيل لشكر. ولم تنكر إسرائيل أو تؤكد تورطها في اغتيال هنية. وبينما يواصل الساسة الإيرانيون التأكيد على أن الانتقام أمر لا مفر منه، فإنهم كانوا غامضين بشأن ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية تفكر في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو أنها ستتحداها بدلًا من ذلك من خلال قوات بالوكالة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الساسة الإصلاحيين في إيران يرون أن هذا يعود جزئيًا إلى تحول في نهج إيران، حيث وعد الرئيس الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان ببدء مفاوضات نووية مع القوى العالمية لتأمين تخفيف العقوبات الأمريكية، وهو ما يتطلب أجواء هادئة نسبيًا في الداخل وفي المنطقة. 

وقال نائب الرئيس الإيراني الإصلاحي السابق محمد علي أبطحي إنه من الصعب العثور على أي شخص في أعلى مستويات السلطة في إيران يسعى إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.

لكنه أضاف أن هذا لا يعني أنه ينبغي توقع حرمان إيران نفسها من حق الرد من خلال الهجمات المباشرة؛ مشيرًا إلى أن "لا شيء مستحيل في الشرق الأوسط الذي أصبح أقل قابلية للتنبؤ من أي وقت مضى، خاصة طالما بقي نتنياهو في السلطة".
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق