ميناء مبارك... بين جدية التنفيذ وكلفة التأجيل - مصر بوست

0 تعليق ارسل طباعة

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع مصر بوست نقدم لكم اليوم ميناء مبارك... بين جدية التنفيذ وكلفة التأجيل - مصر بوست

فرض الحديث عن ميناء مبارك الكبير نفسه على طاولة المشاريع الحكومية خلال الأسابيع القليلة الماضية، ليس من ناحية تسريع إجراءات البناء والتنفيذ ثم التشغيل فحسب، بل لمناقشة أسباب تعثره طوال السنوات الماضية، وكيفية إيجاد آليات من شأنها ضمان نجاح المشروع وليس إتمام بنائه فقط. وفي حديثهم مع «الجريدة» أشار عدد من المختصين إلى أن قيمة أي مشروع تكمن فيما يوفره من فرص اقتصادية، وجودة الخدمة، ومعالجات لسوق العمل وجذب للاستثمارات والتكنولوجيا، مؤكدين أن التأخير في المشاريع الكبرى خلال العقود الماضية لم يكن فقط تأخيراً في أعمال المقاولات والبناء، بل أدى إلى ضياع الكثير من الفرص التجارية والاقتصادية. وبينما رأى رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات، جاسم السعدون، أن بناء أي مشروع بحد ذاته ليس غاية، بل إن الإنجاز هو أن يعمل المشروع بكفاءة كبيرة وطاقة عالية، قال رئيس قسم الاقتصاد في جريدة «الجريدة»، محمد البغلي، إن إتمام أو تنفيذ مشروع ميناء مبارك أو غيره من المشاريع الكبرى، ليس مجرد إحضار مقاول وحفره وبنائه والانتهاء من إنجاز الميناء، بل المسألة تحتاج إلى مقومات استثمارية واقتصادية أعمق من هذا بكثير. من ناحيته، أوضح السفير الصيني لدى البلاد، تشانغ جيانوي، أن قدرة بلاده على بناء البنية التحتية ضخمة، ولديها تجارب غنية وخاصة، بينما كشف وزير الأشغال العامة السابق علي الموسى أنه تم صرف نحو 570 مليون دينار على المرحلة الأولى من الميناء، وفيما يلي التفاصيل.

بداية، قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون، انه ثمة وسيلة قياس تصلح لفهم طبيعة التوقعات لأعمال ميناء مبارك الكبير، الذي يعد اليوم قديماً بعض الشيء، والذي تم بدء العمل به عام 2007 والتنفيذ في 2011 وتوقف 10 سنوات بعد ذلك، من خلال قياسه على مشاريع مماثلة كجامعة الكويت بالشدادية أو المطار الجديد أو طيران الكويتية، مؤكدا ضرورة تفادي تكرار هذا الإخفاق.

جاسم السعدون : علينا تجاوز الإخفاق الذي حدث في مشاريع مماثلة كجامعة الكويت أو المطار أو «الكويتية»

وأضاف السعدون أن جامعة الكويت نشأت فكرتها بالشدادية عام 1982، ولو نفذت في ذلك الوقت لكانت تكلفتها أقل وإصلاح وتمهيد الطريق لها كان أقل، لكن لم تصدر بقانون إلا عام 2004 وتم وضع حجر الأساس عام 2005 وأجريت عدة تعديلات رفعت التكلفة أربعة أضعاف، ليبدأ تنفيذها عام 2011 ولم تستقبل المنتفعين منها حتى عام 2021، أي 39 عاماً ما بين الفكرة والتنفيذ، وما زالت حتى الآن، في عام 2024، كلية الطب لم تعمل، ومنذ ذاك التاريخ إلى الآن تخلّف التعليم العام 4 سنوات وعشرة شهور وفق برنامج الحكومة، وبالتالي مدخلات التعليم العالي تخلفت، ومع ذلك نسبة النجاح في التعليم العام تبلغ بين 80 و90 بالمئة، والكثيرون يحصلون على درجات 90 في المئة وأكثر، بينما لدينا طالب في الثانوية العامة بمستوى طالب في الصف الرابع المتوسط.

وشدد على أن مبنى الجامعة جميل، لكن المطلوب منه تخريج عقول تتسلم البلد فيما بعد، وهذا هو الهدف الرئيسي، وإذا لم نعمل وفق هذا المعيار، فسيتحول ذلك إلى عبء أكثر من أنه إنجاز، لأن الجيل الذي سيتخرج منه هو من سيدير البلد في المستقبل، فإذا كنت متخلفاّ في التربية والتعليم، فإن الهدف الذي وضعته أعطى نتيجة عكس ما أردت.

المطار

وتحدث السعدون عن مشروع آخر، وهو مطار الكويت، قائلا إن المطار الحالي، كما هو معروف، ميّت، والضرب في الميت، كما يقال، حرام، وبالتالي لا يمكن ان تنقل ممارسات وتجربة المطار الحالي للمطار القادم، واليوم أنت تنشئ مطارا سعته 25 مليونا مع قبوله للتوسعة إلى 50 مليونا، يفترض أن ينجز في النصف الأول من عام 2027، وهو متأخر مثل ميناء مبارك والجامعة.

وأشار إلى أن هذا المشروع تأخر، ولكن ذلك ليس مشكلة، فهو جزء من مشروع أكبر، وهو أن تكون الكويت محطة مثلها كبقية الدول المجاورة لنا، ونقوم بمحاولة جلب أكبر عدد من الأشخاص لتفعيل قطاع الضيافة بشكل عام، والمقصود به الفنادق والمطاعم والاتصالات والمواصلات والتجارة إلى آخره...، وبالتالي يفترض أن يتم تسهيل الدخول إلى الكويت، وهذا يتطلب التنسيق بين وزارات الخارجية والداخلية والشؤون لتيسير هذه المهمة.

جاسم السعدون : البناء بحد ذاته ليس غاية والإنجاز عمل المشروع بكفاءة كبيرة وطاقة عالية

وقارن بين مطار الكويت الحالي الذي استقبل العام الماضي نحو 16 مليون نسمة، منهم 5 ملايين من المقيمين الذين يسافرون أكثر من مرة خلال العام، والهامش صغير جداً، وسيتم رفعه إلى 25، أي بزيادة 9 ملايين في المرحلة الأولى، قس على ذلك سعة استقبال المطارات المجاورة، فمطار قطر استقبل 46 مليونا خلال عام 2023، ومطار دبي استقبل 87 مليونا، ولو جمعنا المطارات الثلاثة الرئيسية في الإمارات لوجدناها استقبلت 125 مليونا العام الماضي، والآن لكي تقوم بجلب اكبر عدد ممكن يجب أن يكون لديك نظرة ليست فقط لإنشاء الميناء، حتى لا يتحول إلى خرابة، كما حدث في المطار الحالي، وهذا مشروع دولة.

«الكويتية»

وتطرق الى شركة الخطوط الجوية الكويتية، وقال إنه خلال العشرين عاماً التي مضت تغيرت عشرة مجالس إدارات، وعدد الطائرات يبلغ 33 طائرة، مقارنة بالطيران القطري والإماراتي، فكل طائرة كويتية يقابلها 9 طائرات في طيران الإماراتية، فهم لديهم تسعة أضعاف الطائرات المتوافرة لدينا، وإن كنت ستنشئ مطارا بهذا الشكل، فعليك أن تحرص على الحصول على أكبر مكاسب، وهذه المكاسب تأتي من تشغيل شركات الطيران التي تملكها الدولة، ومن الآن حتى ينجز المطار، والذي يقال انه سيخلق 20 ألف وظيفة، فهل أعددنا الجهاز الذي سيتسلم المطار عقب إنجازه أم اننا في نهاية الأمر سنجد أنفسنا عاجزين، وسنذهب إلى مقاول ليتسلم المطار؟

وشدد السعدون على أن الإنجاز يتحول إلى إنجاز أو ربما يصبح عبئا، لأن المبنى بحد ذاته هو وسيلة وليس غاية، وسيلة بمعنى ما لم يعمل بكفاءة شديدة وبطاقة عالية جداّ، فإنه سيتحول إلى فيل أبيض كما عند الهنود، وكأنك تعلفه وتنظف حوله لكن لا تحلبه ولا تستفيد منه، فإذا أنشأت مبنى، وكان جميلاً، لكنه قد يتحول إلى عبء إذا لم تستفد منه.

ميناء مبارك

وعن ميناء مبارك، أوضح السعدون أن تكلفة المطار تبلغ 5 مليارات دولار بدون تكلفة التوسعة القادمة، أما تكلفة ميناء مبارك فأقل، ولكن لا أعلم كم تحديداً، لأن كثيرا مما أنجز تعرض للتلف، لكنه توقف منذ 2014 حتى 2024، وهذا يعطي مؤشرا انه عندما أنشئ الميناء لم يكن ضمن فكرة تفعيل الهدف الأساسي للدولة، وهو أن تكون مركزاً تجارياً، ولأننا نبدأ المشروع ولا نعلم متى سينجز، وأسوةً بالمطار لا بد أن يكون لدينا تعيينات لمدير الميناء ومدير الجمارك، بل يُفترض أن يكون عندنا فريق معد منذ الآن لتسلم الميناء عندما يُنجز.

وتابع أنه يجب أيضا أن توظف وزارة الخارجية جميع طاقاتها للتعامل مع إيران غرباً والعراق شمالا، فدول العالم الذي لديها مثل هذا المشروع توظف سياستها الخارجية مبكراً لتفعيل عمل هذا المشروع، ويفترض ان يكون لدينا رؤية وهدف حقيقي، وأن يكون هدفنا أسمى بكثير من ردود الفعل العاطفية التي توقفك في كل يوم، وبالتالي إلى جانب إعداد الفريق الذي سيتسلم المشروع يجب توظيف السياسة الخارجية بما يسمح بفتح الطريق أمام البضائع الموجودة هناك.

وثالثاً الميناء عندما ينشأ ليس فقط ليستقبل ويرسل، ويفترض أن تكون حوله حاضنة كبيرة من المصانع التي تضيف قيمة مضافة للبضائع الواردة، سواء كانت أولية أو نصف مصنعة، حتى تخلق فرصاً للعمل، ولتضيف شيئا يدخل عملة صعبة بصورة أكثر وهذا حتى الاّن لم يحدث، وأيضاً هناك البيئة فنحن اليوم هنا خلفنا جون الكويت، وهو ثاني أقوى حاضنة للأحياء المائية في العالم تحوّل، مع الأسف الشديد، إلى قمامة، فكيف سأثق فيهم عندما يتسلمون المطار؟ ولاحقاً المشروع الضخم الخاص بفيلكا، وهذا ما بقي لنا حتى الآن إلى حد ما سليم بيئياً، فأنا لا أثق بهكذا إدارة أن تتسلم هذا دون أن أشعر بالخوف والرعب من انه قد يتلف وتكلفته البيئية قد تكون شديدة جداً.

لذلك، الخلاصة لكي يتحول المشروع إلى إنجاز، فإنه يفترض أن يكون جزءاً من رؤية وطن، ويفترض أن يبدأ معه منذ بداية الفكرة وينتهي إلى المستقبل، فإن نجحت في الحاضر واشتغل، فماذا سأفعل في المستقبل؟، كل هذه النقاط غائبة، ويحدث هذا لأن لدى الحكومة شعورا عاما بأنها عاجزة، لذلك تطلق عناوين عبارة عن ألعاب نارية لجذب انتباه الإعلام والناس لتخفيف الضغوط، وهذا لا يجوز، والعيب الحقيقي في أي مكان في العالم كله من البقالة إلى الدولة قضية الإدارة، فإذا لم تكن الإدارة قادرة على صياغة رؤية والدفاع عنها والقتال يتم دفع الثمن، ونحن نملك شبابا مميزين وقادرين على عمل المعجزات، وإذا ألقينا نظرة على الإنجازات الفردية لشبابنا تجدها مميزة، رغم أن البيئة الحاضنة لهم في منتهى السوء.

وأكد السعدون أن علينا أن نتخلى عن قضية الإدارة بالجينات والمحاصصة، ونبدأ الإدارة بالكفاءة، والإدارة ليست لها علاقة بالسياسة، بل تدعم نظام الحكم إذا فشلت ففشلها يحسب على نظام الحكم، واليوم عندنا حكومة هي مصدر معظم السلطات بعد التعديل الدستوري الأخير، وبعد تعديل بعض المواد وإيقاف بعض المواد، فالآن هل يتناسب تكوينها وفيها الكثير من الأفراد الجيدين، ولكن هل يتناسب تكوينها كفريق مع حجم المسؤولية والسلطة التي أسندت إليها؟... فالإجابة القاطعة هي بالطبع لا.

لذلك بقدر ما مشكلة الكويت معقدة بقدر ما ان حلها يسير جداً، وهو التضحية بإدارة الجينات والمحاصصة واستبدالها بإدارة الكفاءات، وسترى الكويت خلال عامين مختلفة.

عصا سحرية

من ناحيته، أوضح رئيس قسم الاقتصاد في جريدة الجريدة، محمد البغلي، أن إتمام أو تنفيذ مشروع ميناء مبارك أو غيره من المشاريع الكبرى، ليس مجرد إحضار مقاول وحفره وبنائه والانتهاء من انجاز الميناء، بل المسألة تحتاج إلى مقومات استثمارية واقتصادية أعمق من هذا بكثير، فمنذ 21 عاماً، أي منذ سقوط صدام حسين إلى اليوم ونحن نتحدث عن المشاريع الكبرى في البلاد والجزر وميناء مبارك والمنطقة الشمالية، وغيرها من المشاريع الكبرى التي تشمل مدينة الحرير وغيرها، لكنْ هناك أسباب هي التي تعيق تنفيذ هذه المشاريع وإتمامها وتحقيق فائدة اقتصادية منها.

محمد البغلي : قياس الإنجاز بمدى تطوير البيئة الاستثمارية لا حجم الإنفاق المالي

وقال البغلي إن أهم الأمور التي تسببت في عدم قدرتنا على تنفيذ هذه المشاريع ضعف البيئة الاستثمارية والتجارية، وتراجع الكويت في المؤشرات الدولية، وعدم وجود شراكات مع الدول والمنظمات والشركات الكبرى العالمية، وعدم تأهيل الشباب الكويتيين للعمل في هذه المشاريع التي من المفترض أنها مشاريع تنموية، وأسوأ ما حدث في السنوات الـ 15 الماضية هو قياس نسبة الإنجاز بناء على الانفاق المالي، كمشروع قيمته 100 مليون قمنا بصرف 20 مليوناً، فهنا نكون قد أنجزنا%20 من المشروع، وهذا ليس صحيحاً، بل تقاس بمدى تطويرك للبيئة الاستثمارية ومدى محاولاتك لتأهيل الشباب الكويتيين، ومدى تطويرك وتقليلك للبيروقراطية الحكومية والدورة المستندية، وأن تفتح المجال لبيئة استثمار وجذب خبرات أجنبية للبلاد، في هذه الحال نستطيع أن نقرر ما إذا كنت تنجز مشروعك ام لا.

وشدد على أن قياس النجاح الأكبر لهذه المشاريع التنموية كميناء مبارك والجزر والمنطقة الشمالية وغيرها بما تحققه هذه المشاريع وليس ببنائه وتشغيله فقط، فهذا أمر جيد، ولكنه ليس الهدف، فمن الممكن أن ننجح في تشغيل المشروع، ولكن مع عدم الاستفادة منه، وهناك كثير من المشاريع في البلد يتم تشغيلها ولا تتم الاستفادة منها، لذلك فالنجاح الحقيقي يتم بما يحققه من معالجة لاختلالات الاقتصاد الرئيسية، ومدى توفير فرص للعمالة الوطنية، وما يتم تحقيقه من إيرادات غير نفطية، ومدى توفيره لخبرات أجنبية، ومدى توفيره فرصا لتشغيل القطاع الخاص ويدفعه للإنتاج... هذه المحددات إذا تم تحقيقها نستطيع أن نقول إننا نجحنا في تنفيذ الميناء.

وأضاف قائلاً: التعاقد مع الشركات الصينية، وهو يعد أمراً جيداً، ونحن بحاجة لهم، ولكن هم لا يمتلكون عصا سحرية لمعالجة اختلالاتنا الاستثمارية والتجارية والبيروقراطية والاقتصادية وغيرها، وإذا لم نصلح نحن بيئتنا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية فلن تستطيع الشركات الصينية أن تفيدنا بشيء، مشيراً إلى أنه دائماً ما يقال إن طريق الإصلاح يبدأ بالاعتراف بالخطأ، ونحن اعترفنا بأخطائنا في مجال الخطط التنموية مرتين الأولى في عام 2013 حين اعترف وزير المالية الاسبق الشيخ سالم الصباح بأن خطط التنمية فاشلة ولا يمكن تنفيذها، والمرة الثانية تعقبها بعشر سنوات حين اعترف وزير المالية سعد البراك بأن خطط التنمية فاشلة، ونحن اليوم نتكلم عن الاعتراف بالخطأ ولكن لم نجد أحداً يتبنى إصلاحه.

وأوضح البغلي: هناك جزئية مهمة في موضوع ميناء مبارك والمنطقة الشمالية جميعها، فاليوم ما الجدوى من أن أنشئ ميناء والعراق لديها ميناء الفاو وأنا هنا لا أطالب بإلغائه أو عدم إتمامه أو أن تتعامل مع الفاو، ولكن هل هنالك دراسة فنية معلنة أو معترف بها في بيان الجدوى الاقتصادية بعد تشغيل ميناء الفاو؟ وهل علاقتنا تكاملية أم تنافسية وهذه أسئلة مهمة، ولا يجب أن ننشئ الميناء ومن ثم لا نكون على علم بما يجب أن نفعل به أو أن نجعله منظراً فقط كمشاريع أخرى، فدراسة الجدوى أمر مهم جداً.

محمد البغلي : التعاقد مع الصين أمر جيد لكنها لا تملك عصاً سحرية لمعالجة اختلالاتنا المتعددة

وبيّن أن هذا ليس احباطاً ولكن من المهم أن نتعامل مع واقعنا وقدراتنا، فحين يكون لدينا مشكلة كالدروازة أو مشكلة حصى وأخطاء وقضايا لا تستحق أن تكون قضايا في أي دولة فكيف لي أن أراهن على ميناء مبارك والمنطقة الشمالية ومدينة الحرير، والجزر والمشاريع الضخمة، والتي ستكلف مليارات وأنا غير قادر على إصلاح أشياء بسيطة جداً من المفترض ألا تشغل البال كدروازة عبدالرزاق أو حصى الشوارع.

وأشار البغلي إلى أن المؤشرات التنافسية للكويت ضعيفة ولا تناسب ما ينفق عليها مالياً، وهذا عملياً يضر بعملية تطوير الميناء وتشغيله وتنفيذه وتحقيق أهدافه، فيأتي ترتيب الكويت على مؤشر التنافسية العالمية 37 من أصل 67 دولة وبتشريعات الأعمال ترتيب الكويت عالمياً 54، وفي البنية التحتية التكنولوجية ترتيبها 46 عالمياً، وفي جودة التجارة العالمية 30 عالميا، وهذه الأرقام حين نقيسها مع دول الخليج الأخرى أو مع الدول العربية فنحن في مرتبة لا تناسب الانفاق المالي المفترض إنفاقه حتى نحقق نموا أكبر في هذه المؤشرات ومؤشرات الأعمال والتجارة والتكنولوجيا متراجعة عن جميع دول الخليج، وغالباً نحن في الترتيب الخامس أو السادس أي الأخير خليجياً، وبالتالي تدهور بيئة الأعمال ومؤشرات التجارة والاستثمار والتنافسية يضرنا إذا ما رغبنا بالتنافس مع الآخرين، ويضر محاولاتنا لجذب شراكات وشركات كبرى وإقليمية لتشغيل الميناء.

وختم البغلي قائلا: إن ميناء الفاو قام بتوقيع شراكات إقليمية مع عدد من الدول ليتم تشغيله، ونحن أيضاً بحاجة إلى شراكات لأن هذا الميناء لن تكون له قيمة إذا لم تكن له علاقة وارتباطات واتفاقيات مع دول أخرى حتى نصل إلى وسط أوروبا إذا أردنا أن نعمل على نجاح هذا المشروع.

التعاون العملي

في المقابل، أكد السفير الصيني لدى البلاد، تشانغ جيانوي، أن مشروع ميناء مبارك الكبير يعد مشروعاً تنموياً مهماً لدولة الكويت لتنمية اقتصادها وتعزيز رفاهية الشعب، وهو أيضاً أحد المشاريع الرئيسية للتعاون العملي بين الصين والكويت.

وقال: في شهر سبتمبر الماضي قام سمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد بزيارة رسمية إلى الصين والتقى الرئيس شي جينبينغ، حيث شهدا معاً توقيع 7 وثائق تعاون، مما وضع خطةً جديدة لتعزيز التعاون متبادل المنفعة بين البلدين، وخلال السنة الماضية عمل الجانبان معاً بكل جد واجتهاد على ترجمة التوافقات المهمة بين كلا البلدين على أرض الواقع، وظلت تحافظ على الإدارات المعنية للجانبين على التواصل والتنسيق الوثيقين لتسريع التعاون العملي بمختلف المجالات، بما في ذلك مشروع ميناء مبارك الكبير.

تشانغ جيانوي : شركة cccc حكومية صينية ولديها الخبرة والتجارب الغنية في بناء وتشغيل الموانئ بالعالم

وأضاف: نتطلع لبذل جهود مشتركة مع الجانب الكويتي من أجل تنفيذ التوافقات المهمة التي توصل إليها قيادتا البلدين بشكل كامل واستكشاف وسيلة جديدة لتحقيق التعاون متبادل المنفعة، وفوز مشترك لجعل مشروع ميناء مبارك الكبير لافتة ذهبية للبناء المشترك عالي الجودة لـ «الحزام والطريق» ونموذجاً للتعاون بين الصين والكويت، وحتى أيضاً بين الصين والدول العربية ليعود بمزيد من الفائدة والنفع على البلدين والشعبين.

وأكمل: «ومعروف أن قدرة الصين في بناء البينة التحتية ضخمة، ولديها تجارب غنية وخاصةُ، ونحن نعمل معاً إلى جانب الكويت على تنفيذ الاتفاقيات الـ 7 التي تم التوصل إليها على هامش زيارة سمو الأمير في سبتمبر الماضي، وقد اتخذ الجانب الصيني الموقف الجدي لتنفيذ هذه الاتفاقيات وحددت الحكومة الصينية شركة cccc المختصة والمسؤولة عن مباشرة التعاون مع الجانب الكويتي فيما يخص مشروع ميناء مبارك الكبير، وهذه الشركة حكومية صينية ولها حجم كبير، ولديها الخبرة والتجارب الغنية في بناء وتشغيل الموانئ في العالم، ولذلك نحن متفائلون بتفعيل التعاون بين الصين والكويت.

وقد أرسلت شركة cccc وفودا لزيارة ميناء مبارك للدراسة الميدانية، وتشرّفت بزيارة موقع ميناء مبارك الكبير مع وزيرة الأشغال العامة مرتين، وتقوم وفود الشركة بدراسة الجدوى والتخطيط لكيفية التعاون مع الكويت، وخاصة نحن الجانب الصيني جادون في دفع التعاون بمشروع ميناء مبارك».

تشانغ جيانوي : مشروع الميناء فرصة ذهبية للبناء المشترك عالي الجودة لـ «الحزام والطريق»

وبيّن السفير أن المشاورات بين الصين والكويت بدأت منذ عام فقط، ولكن قبل هذا العام لم تشارك الشركة الصينية فيما يخص المرحلة الأولى من مشروع ميناء مبارك، ولذلك بدأ الجانب الصيني الان بدراسة عميقة على أساس القائمة الموجودة، ولم تحدد بعد المدة الزمنية لتنفيذ المشروع، وتعتمد المدة الزمنية للتنفيذ المشروع على مدى تطور الميناء والتخطيط للميناء بالكامل، وهو ميناء كبير جداً، وأظن أن هذا يعكس طموحات الشعب الكويتي، وكما يقال «مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة»، والشيء المهم هو أن نبدأ ونعمل ونستفيد منها، والجانب الكويتي هو من سيحدد كيفية الاستفادة من ميناء مبارك، فهل سيكون حلقة تواصل بين الكويت ودول اخرى أو سيكون بين الكويت ودول الخليج، والآن يقوم الجانبان بالتخطيط الكامل، وخاصة ميناء مبارك إذا أنجز بناؤه سيجلب الفوائد للشعب الكويتي، ويتم التعاون بين الجانبين الكويتي والصيني للتخطيط الكامل حول وظيفة الميناء وحول كيفية بنائها وتشغيلها.

وكما هو معروف، فإن في الصين أكبر عدد من الموانئ في العالم، وتعتبر مصنفة بين أكبر 10 موانئ، وقامت القيادة الكويتية بزيارة ميدانية لبعض الموانئ، وخاصة الميناء الأكبر في شنغهاي، وفي يانغشان، وهذا الميناء يجري بسرعة أوتوماتيكية، وبالقليل من الأيادي العاملة، ويبلغ حجم الشحنات فيه سنوياً 6 ملايين حاوية، ولذلك يرغب الجانب الكويتي في بناء ميناء مبارك بسرعة أوتوماتيكية، والآن نقوم بالتعاون والتشاور حول كيفية بناء الميناء.


وزير الأشغال العامة السابق علي الموسى

الموسى: 570 مليون دينار صُرِفت على المرحلة الأولى

قال وزير الأشغال العامة السابق، علي الموسى: خلال بحثي في هذا الملف واجتماعاتي مع قطاع المشاريع الكبرى بوزارة الأشغال، لبحث وحل المشاكل والمعوقات التي واجهتنا في ملف ميناء مبارك، كان هناك أمر لم يواجه الكويت وحدها، بل واجه العالم أجمع، وهو جائحة كورونا والتغيير الاقتصادي والنهج الجديد، وهو العودة إلى الحياة الطبيعية ما بعد «كورونا»، وهو ما غير الاحتياجات وغيّر التركيبة الاقتصادية للمنطقة، وهذه واحدة من الملفات التي واجهتنا لتطور التكنولوجيا واهتمام المنطقة، والعلاقات السياسية اختلفت في تلك الفترة، فكان لا بُد لنا من دراسة حلول للخروج من هذه المشكلة، أو تسريع عملية تنفيذ هذا المشروع.

وأوضح الموسى أنه تم صرف نحو 570 مليون دينار على المرحلة الأولى، وهي البنية التحتية وبعض الأرصفة والمراسي، وهذه المراسي تخدم تنفيذ المشروع، وأيضاً لبعض الجهات الأمنية كقوارب الداخلية والدفاع لعمل بعض الخدمات في هذه المنطقة، هذا المبلغ الذي تم صرفه يجب عدم هدره لأهميته في تطوير المنطقة الشمالية وتحريكها من بعد إنجاز جسر جابر.

أما عن المعوقات التي واجهتنا ما بعد جائحة كورونا، قال الموسى إنها تتمثل في بعض المتطلبات بتغيير مكونات المشروع، واليوم مشروع ميناء مبارك مهم جداً، سواء عالميا أو محلياً، وقد شكلت آنذاك لجنة للبحث في هذا الموضوع لإيجاد حل أو رؤية جديدة تكون مفيدة لعدم هدر المبلغ الذي صرف على مشروع ميناء مبارك، وبعد الاجتماع مع الفريق، رأينا أنه قد يكون هناك حل يمكن أن يكون مجدياً، وقمنا باستعراضه في مجلس الوزراء، وكان اقتراحاً بتحويل ميناء مبارك من ميناء عالمي إلى محلي، فاحتياجاتنا المحلية بها نقص، سواء التخليص الجمركي أو السرعة في الإنجاز وعدم تكدس السفن في الموانئ، وقد لاقت هذه الفكرة قبولاً في أحد اجتماعات مجلس الوزراء.

وأكمل الموسى: هناك معوقات أخرى واجهتنا، فالمشروع كان تحت لجنة مدينة الحرير التي تتبع وزير البلدية آنذاك، وكان يجب أن يسمي مديراً للمشروع، فنحن كوزارة الأشغال جهة منفذة، ولكن في ذلك الوقت لم نكن على علم بمن هو مدير المشروع، وقد طلبنا من لجنة مدينة الحرير أن تسمي وتحدد مدير المشروع، إما الموانئ أو البلدية، وقد اقترحنا أن يكون مدير المشروع هيئة الاستثمار الكويتية، وقد واجهنا معوق آخر، هو عدم معرفتنا بمن هو المشغل، على الرغم من أن المشغل مهم جداً، لأنه سيتم وضع مواصفات، وقد يأتيك مشغل لديه اشتراطات، فلاستكمال هذا المشروع يجب أن يكون هناك مسمى محدد للمشغل، ليضع لك المواصفات لتشغيل الميناء.

وأكد أن الصين، كمشغل ميناء، قادرة بإدارتها عالمياً للمشاريع في المنطقة، ولديها من الخبرة ما يكفي لينجحوا في إدارة مشروع ميناء مبارك، وأضاف: وإن كان هناك ميناء قريب لميناء مبارك، فهذه ليست إشكالية، فمن الممكن أن يكون مكملا لميناء مبارك، ولو أجرينا اتفاقات لنكمل بعضنا بعضاً بمنطقة الخليج، فسنصبح من أهم الموانئ بالمنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق