لا حاجة للجميع لإبداء الآراء حول الذكاء الاصطناعي

0 تعليق ارسل طباعة

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع مصر بوست نقدم لكم اليوم لا حاجة للجميع لإبداء الآراء حول الذكاء الاصطناعي

ft.svg

- مصر بوست ت + ت - الحجم الطبيعي

المؤسسات لا يجب أن تنشغل بما هو خارج عن نطاق سلطتها

تحولت مبادرة «الشهر الوطني لكتابة الروايات»، التي انطلقت في الولايات المتحدة، إلى ظاهرة عالمية. ففي شهر نوفمبر من كل عام، يشرع المشاركون في تحدٍّ طموح لكتابة مسودة أولية من 50 ألف كلمة. وعلى الرغم من أن بعض هذه المسودات تتطور إلى روايات ناجحة، مثل رواية «السيرك الليلي» للكاتبة إيرين مورغنستون، وهي رواية شهيرة ولدت من رحم هذه المبادرة، إلا أن الغالبية العظمى منها تبقى مجرد مسودات أولية. ويعترف الكثير من المشاركين بأنهم يكتبون بدافع المتعة والإبداع الشخصي، وليس بهدف الربح المادي أو الشهرة الأدبية.

لكن خلال السنوات الأخيرة، لم تسلم هذه المبادرة من الكثير من الجدل. فخلال العام الجاري العام، ازداد الجدول وتوسعت دائرته بعد إعلان المبادرة عن موقفها تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في الكتابة. وفي حين أنها لم تتخذ موقفاً واضحاً، إلا أنها رأت أن «الإدانة الصريحة لاستخدام أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي» هي بمثابة «تمييز وطبقية». (وكأن الإيحاء بأن أفراد الطبقة العاملة وذوي الإعاقة لا يستطيعون كتابة الروايات إلا بمساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي هو أمر مقبول).

وقد أدّت التداعيات السلبية الناجمة عن ذلك إلى تقديم أحد أعضاء مجلس الإدارة، وهو الكاتب دانييل خوسيه أولدر، استقالته من المنظمة امتعاضاً. (ومنذ ذلك الحين، اعتذرت المنظمة وتراجعت عن بيانها السابق).

ولا تنطوي المشاركة في الشهر الوطني لكتابة الروايات على مخاطر، باستثناء ربما دعم الأصدقاء والأقارب الذين قد تطلب منهم قراءة عملك لاحقاً. فعند تسجيل المشاركين على الموقع الإلكتروني يمكنهم التواصل مع المشاركين الآخرين عبر منتديات المناقشة ويتم مكافأتهم على بلوغ مراحل معينة برسومات جرافيك بسيطة توضح إنجازاتهم.

فإذا كنت ترغب في كتابة رواية تجريبية بعنوان «خواطر أكاديمي في منتصف مسيرته المهنية حول طلاقه»، فليس هناك ما يمنعك. كما يمكنك أن تطلب من شات جي بي تي «كتابة 50 ألف كلمة لرواية عن سن البلوغ بأسلوب بول بيتي» ثم ترسل الجزء المتبقي بنفسك. لكن في الحالتين الشيء الوحيد الذي تضيعه هو وقتك.

ورغم أن الحجة بأكملها تبدو سخيفة تماماً، لكنها تحمل درسين مفيدين. الأول هو أن المؤسسات والشركات يجب أن تتجنب إبداء الكثير من الآراء. ومن غير الواضح لماذا يحتاج الشهر الوطني لكتابة الروايات إلى إبداء رأي بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي. وينبغي عموماً للمؤسسات أن تتسم بالوعي الاجتماعي، ويجب أن يقتصر الأمر على المجالات التي تتحكم فيها مباشرة، مثل ممارسات التوظيف العادلة، والتداعيات الناجمة عن سلاسل التوريد الخاصة بها على العالم، كما يتعين على هذه المبادرة الاهتمام بأن منتدياتها خاضعة لإدارة جيدة (رغم أن هذا الموضوع محل جدل سابق)، ويجب أن تبدي القليل من الاهتمام أو لا تبدي أي اهتمام بالقضايا التي تتجاوز قدرتها على إيقافها أو منعها بشكل فعال، مثل الطريقة التي يستخدم بها المشاركون الذكاء الاصطناعي.

ومن القواعد الأساسية لأي مؤسسة تفكر في إصدار بيان حول موضوع ما، هو أن تسأل نفسها عن التغييرات العملية التي يمكنها إجراؤها نتيجة ذلك، وأسباب القيام بذلك. وقد تتنوع هذه التغييرات بداية من تقديم تبرعات مالية إلى الممارسات الوظيفية. على سبيل المثال، قامت شركة لش لبيع مستحضرات التجميل بالتجزئة بالتبرع بمبالغ طائلة للجمعيات الخيرية التي تعمل على إصلاح جهاز الشرطة، بينما ذهب جوليان ريتشر، مؤسس سلسلة «ريتشر ساوندز» للترفيه المنزلي، إلى حد تحويل شركته إلى صندوق مملوك للموظفين في عام 2019.

لكن إذا كانت المؤسسة غير راغبة أو عاجزة عن إجراء تغييرات حقيقية على عملياتها أو نفقاتها، فإن تسعة من كل عشرة مواقف تنبئ بأنها لن تحقق فائدة تذكر ولن تضيف شيئاً من خلال التعبير عن رأيها.

الدرس الثاني يتعلق بكيفية استجابة المؤسسات للاستخدام الواسع النطاق والاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي. وكما أن المبادرة لا يمكنها إيقافي عن استخدام «غوغل جيميناي» لكتابة رواية مقنعة تدور حول كاتب عمود وسيم يحل ألغاز الجرائم، فلا يمكن لأصحاب العمل منع شخص ما باستمرار من كتابة خطاب تعريفي بنفس الطريقة. ولا يعني ذلك بالضرورة أنهم يجب عليهم تقبل ذلك، لكنه يشير إلى أن بعض أشكال التقييم أصبحت حتماً اختباراً لقدرتك على التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي بقدر ما هي اختبار لقدرتك على الكتابة أو البحث المستقل.

إن التوظيف، الذي يعد واحداً من أصعب المهام التي تجريها أي منظمة، أصبح أكثر صعوبة، ونتيجة لذلك، ستزداد فترات الاختبار أهمية. ويسلط الدرسان عموماً الضوء على مبدأ مشترك: هو تذكير بأن المؤسسات لا يجب أن تنشغل بما هو خارج عن نطاق سلطتها. فكما يتطلب صياغة رواية جيدة اختيار الكلمات المناسبة في المكان والزمان المناسبين، تحتاج المؤسسات إلى معرفة متى يكون من المناسب التحدث ومتى يتعين عليها التزام الصمت.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق