دور الجامعات السعودية في الألعاب الأولمبية .. النموذج الأمريكي

0 تعليق ارسل طباعة

كل الشكر والتقدير لبعثة المملكة – من رياضيين وإداريين – في أولمبياد باريس 2024، وإن كانت النتائج ليس كما كان مؤملا فيها، وهنا لا يمكن أن تلام وزارة الرياضة التي تحاول قصارى جهدها، ولكنها مازالت تعمل بمفردها في ظل أهمية العمل التشاركي في إيجاد قاعدة رياضية واسعة لا تتمحور حول لعبة واحدة أو الاعتماد على لاعبين من أندية رياضية هزيلة الأداء ربما لن تكون موجودة في المستقبل.

يغيب عنا حقيقة أن الألعاب الرياضية موطنها الحقيقي هو منظومة المدارس والكليات والجامعات التي تخلق مجتمع وبيئة رياضية تتطور بشكل تنافسي، فأفضل الممارسات في هذا المضمار نجدها في الصين وروسيا والأهم في الولايات المتحدة، فالعديد من لاعبي كرة السلة في الولايات المتحدة اكتشفوا من خلال لجان رياضية جامعية محترفة تزور وتراقب وتتابع ملاعب الحدائق العامة، وملاعب المدارس الحكومية، ومنحت العديد من أصحاب القدرات والمهارات كراسي دراسية، ليس لمعدلاتهم التحصيلية التي لا تكاد تؤهلهم لدخول جامعة – هذا غير قدراتهم المالية – ولكن لقدراتهم ومواهبهم الرياضية لكي يلعبوا في فرق الجامعات ضمن منظومة منافسات رياضية جامعية ينتج عنها تأسيس الفرق الأولمبية. 

لو ألقينا نظرة سريعة على الفريق الأولمبي الأمريكي – كمثال نموذجي مستدام – سنجد أن أعضاءه ينتمون إلى العديد من المؤسسات، بما فيها الجامعات والمدارس الثانوية ومراكز التدريب المتخصصة، فالواحد والعشرون فريقًا لبعثة الولايات المتحدة في أولمبياد باريس 2024 يتألف من 80% على الأقل من الرياضيين الجامعيين، فنجد أن 14 طالبا من جامعة تكساس أوستن كانوا مشاركين في الجمباز والمبارزة، و 16 طالبا من جامعة جنوب كاليفورنيا شاركوا في فرق كرة الطائرة وكرة الماء والسباحة، وجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس كان لها مشاركة موازية في الجمباز والتنس، وجامعة ستانفورد – كمثال نوعي – ساهمت بعدد 38 لاعبا في المبارزة والجمباز والسباحة الفنية والتجديف وكرة القدم وألعاب القوى والإبحار والغوص والكرة الطائرة، وقائمة الجامعات الأمريكية المشاركة تطول. 

الجامعات هي الوعاء الحقيقي للمهارات والقدرات الرياضية الأولمبية، وبالدليل من الدول المتفوقة رياضيا، يضع العديد من جامعاتنا – إن لم يكن كلهم – في حرج أمام متطلبات رؤية المملكة 2030 والمجتمع السعودي الذي يريد أن يفخر بمكانة وطنهم وأبنائه في المنافسات الرياضية العالمية، وهذا بالطبع يستدعي أن تعمل الجامعات مع وزارة الرياضة بشكل جاد، وتعيد النظر في موقفها من أهمية الألعاب الرياضية، والتي ربما تستدعي حاجة إعادة النظر في أسلوب القبول في الجامعات الذي يعتمد فقط على ما يسمى بالنسبة الموزونة والذي يهمل بالكامل قدرات ومهارات المتقدمين الأخرى، والتي ربما تكون أكثر أهمية من النسبة الموزونة لأن هذه القدرات والمهارات تصب في مصالح وطنية مثل التنافس والتميز الرياضي.

أمامنا دورة الألعاب الآسيوية التي ستقام في اليابان عام 2026، وبعدها أولمبياد لوس أنجلوس عام 2028، وفي عام 2030   ستقام دورة الألعاب الآسيوية في قطر، تليها دورة أستراليا في 2032، وبعدها ستقام في المملكة العربية السعودية عام 2034، ووزارة الرياضة ملتزمة بتحقيق رؤيتها والمتمثلة في جملة معروضة على منصتها وهي “مجتمع ممارس للرياضة، ورياضة تنافسية متميزة​” من خلال إيجاد قاعدة عريضة ومتنوعة لممارسين الرياضة، وتحقيق مشاركة واسعة في المحافل الرياضية المحلية والإقليمية والدولية وبتميز يليق باسم ومكانة المملكة، وهذا سيكون بواسطة لاعبين ولاعبات محترفين من ضمنهم العديد من المنتسبين للمؤسسات التعليمية كالحاصل في الدول المتقدمة. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق