تأثير جمود الفائدة على الأسواق: من استفاد ومن تكبّد خسائر بعد قرار البنك المركزي

قرار البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية أثار تساؤلات واسعة حول الرابحين والخاسرين من هذا التثبيت وتأثيره على القطاعات الاقتصادية المختلفة في مصر خلال 2025. هذا القرار الذي جاء بعد خفض إجمالي قدره 625 نقطة أساس، يجعلنا نعيد النظر في أثر السياسات النقدية على الاقتصاد الوطني والقطاعات الحيوية.

الرابحون من قرار تثبيت أسعار الفائدة

تثبيت أسعار الفائدة يصب في مصلحة أصحاب الودائع والشهادات الاستثمارية، خاصًة الأفراد الذين يفتقرون للخبرة الاستثمارية في مجالات أخرى، إذ يضمنون الحصول على عوائد ثابتة ومستقرة شهريًا، بحسب نائب رئيس بنك مصر السابق، سهر الدماطي.
شهدت ودائع البنوك المصرية بالعملات الأجنبية ارتفاعًا بنحو 5.4 مليار دولار لتصل إلى 63.57 مليار دولار، بينما واصلت ودائع الجنيه نمواً لتبلغ 9.16 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2025، بنسبة زيادة 21.2% مقارنة بنهاية 2024، وفق إحصائيات البنك المركزي.
كما أن المستثمرين في أذون وسندات الخزانة ينعمون بمكاسب واضحة، سواء كانوا محليين أو أجانب، خاصة مع اتجاه التضخم للارتفاع خلال أكتوبر الماضي، ما يعزز العوائد الحقيقية لتلك الأوراق المالية.

المؤشر القيمة بنهاية يوليو 2025 القيمة بنهاية يونيو 2025
استثمارات العملاء الأجانب في أذون الخزانة 2.063 تريليون جنيه 1.906 تريليون جنيه

وسجل معدل التضخم ارتفاعًا ملحوظًا خلال أكتوبر 2025 بنسبة 2% على أساس شهري، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2024، مقارنةً بـ1.5% في سبتمبر، مما يبرر جزءًا من استفادة حاملي الأموال الثابتة من قرار تثبيت أسعار الفائدة.

الخاسرون من تثبيت أسعار الفائدة وتأثيراته الاقتصادية

في المقابل، تتعرض قطاعات صناعية وتصديرية لضغط كبير بسبب ارتفاع تكلفة التمويل، ما يضعف قدرتهم التنافسية ويحد من معدلات التوسع، حسب تصريح سهر الدماطي.
كما يعاني القطاع الزراعي من ارتفاع تكلفة القروض، ما قد يؤثر سلبيًا على مشروعاته التنموية، في حين يُتوقع أن تتأثر أنشطة التطوير العقاري والمقاولات جزئيًا بسبب زيادة تكلفة التمويل العقاري، مما قد يبطئ تنفيذ المشاريع الجديدة وسط الظروف الحالية.
تتراجع جاذبية الاستثمار في البورصة بدورها في ظل ارتفاع العوائد البنكية، فيما تتحمل الحكومة عبء متزايدًا لخدمة الدين عبر الموازنة العامة، وهو ما قد يحد من مساحة الإنفاق التنموي الضروري لتحفيز قطاعات الاقتصاد المختلفة.

  • ارتفاع تكلفة التمويل الصناعي وتقليل القدرة التنافسية
  • تأثير سلبي على مشروعات القطاع الزراعي التنموية
  • تراجع نمو مشاريع التطوير العقاري وقطاع المقاولات
  • تراجع جاذبية البورصة نتيجة ارتفاع العوائد المصرفية
  • ضغط على الإنفاق الحكومي بسبب ارتفاع مدفوعات فوائد الدين

تأثير تثبيت أسعار الفائدة على الموازنة العامة للدولة

ارتفعت مدفوعات الفوائد ضمن الموازنة العامة للعام المالي 2025-2026 بنسبة 54% خلال الربع الأول لتبلغ حوالي 695.3 مليار جنيه، وفق تقرير وزارة المالية الشهري، مما يعكس تكلفة ثقيلة على الخزانة العامة.
وأشار التقرير إلى أن فوائد الدين استهلكت كامل إيرادات الموازنة العامة البالغة 644.87 مليار جنيه في الأشهر الثلاثة الأولى، مقارنة بإيرادات بلغت 470.1 مليار جنيه في نفس الفترة السنة الماضية، بزيادة 37.1%.
هذا الوضع يعكس الضغوط المالية على الحكومة التي تضطر لتخصيص جزء كبير من مواردها لتغطية هذه الفوائد، وهو ما يحد من القدرات الاستثمارية والإنفاق على المشاريع التنموية الحيوية، مع احتمال تأخير تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية وتأثير ذلك على النمو المستدام.

قرار البنك المركزي بشأن تثبيت أسعار الفائدة جاء في ظل تحديات معقدة تواجه الاقتصاد المصري، ويُظهر بشكل واضح التوازن الدقيق بين حماية حقوق المدخرين والمستثمرين من جهة، والتخفيف من أعباء التمويل على القطاعات الإنتاجية من جهة أخرى، مع تأثير مباشر على موازنة الدولة والقدرة على التمويل الحكومي.