الدولار تحت الضغط، هل تنتهي هيمنته العالمية؟ شهد الاقتصاد العالمي مؤخرًا مؤشرات واضحة على تقلص اعتماد الدول على الدولار الأمريكي، وسط تصاعد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، بالإضافة إلى تدخلات السياسة النقدية في قرارات الاحتياطي الفيدرالي وازدياد مستويات الدين العام بشكل مستمر، وفقًا لتقرير “بلومبرج”؛ هذه العوامل حولت الدولار من ملاذ آمن إلى أداة ضغط سياسي واقتصادي، مما أثار تساؤلات حول مستقبل هيمنة الدولار العالمية.
الدولار تحت الضغط: أسباب تراجع هيمنته على الاقتصاد العالمي
بحسب بيانات حديثة، كان الدولار يشكل أكثر من 70% من احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك المركزية عالمياً في بداية القرن الحالي، لكنه تراجع الآن إلى أقل من 60%، كما أبرز تقرير “بلومبرج”. يوضح الخبير الاقتصادي عز الدين حسانين أن الدولار لا يزال العملة الاحتياطية الأولى عالميًا، حيث يشكل نحو 60% من احتياطيات البنوك المركزية، ويغطّي حوالي 80% من تداولات العملات الأجنبية. رغم ذلك، يتعرض الدولار تحت الضغط بسبب تحديات طويلة الأمد، منها ظهور عملات بديلة كاليوان واليورو، وتزايد العجز الأمريكي، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية التي دفعت بعض الدول لتقليل اعتماده. وفقًا لحسانين، شهدت سياسات الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس دونالد ترامب، من حروب تجارية وتبدلات في السياسة المالية وانسحابات من اتفاقيات دولية، تأثيرًا سلبيًا على ثقة المستثمرين في الدولار، وهو ما يعزز هشاشة هيمنته.
الدولار تحت الضغط: كيف أثرت التغيرات الاقتصادية والسياسية على قوته؟
تعود القوة التاريخية للدولار إلى ما يُعرف بـ”وفرة المدخرات العالمية”، وهي ظاهرة وصفها رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، بن برنانكي، صنفت وجود فائض دولي يسمح بإعادة استثمار الصين ودول الخليج لفوائضها في سندات الخزانة الأمريكية، مما خفّض تكاليف الاقتراض داخل الولايات المتحدة وساهم في تمويل المشاريع الكبرى. ومع ذلك، شهدت الدورة الاقتصادية خلال العقدين الماضيين تغيرًا كبيرة؛ حيث انخفضت احتياطيات الصين من 4 تريليونات دولار في عام 2014 إلى نحو 3.3 تريليون، في حين لم تظهر دول الخليج نموًا ملموسًا في احتياطياتها على الرغم من وجود فوائض تجارية ضخمة. التغيرات الاقتصادية الأخيرة تضمنت تحولًا نحو استخدام عملات محلية مثل اليوان في التجارة الدولية، إذ ارتفعت حصة اليوان في الفواتير الصينية من 2% عام 2010 إلى 25% في 2023، في حين بدأ بعض دول الخليج، مثل السعودية وقطر، بالتحول من ممولين عالميين إلى مستثمرين محليين عبر ضخ أموال ضخمة في مشاريع تنموية ورياضية وترفيهية.
الدولار تحت الضغط: تحولات صناديق الثروة السيادية وتأثيرها على سوق العملات
أدى هذا التحول إلى قيام صناديق الثروة السيادية بتقليل حصصها في سندات الخزانة الأمريكية، مع توجيه أموالها بشكل أكبر نحو الأسهم والعقارات والمعادن الثمينة، الأمر الذي يفرض ضغوطًا إضافية على الدولار ويزيد من المخاطر على استقرار الأسواق العالمية. يمكن توضيح ذلك من خلال الجدول التالي:
| الاستثمار التقليدي | الاتجاه الجديد |
|---|---|
| سندات الخزانة الأمريكية | الأسهم والعقارات والمعادن الثمينة |
| تمويل مشاريع خارجية | الاستثمار في مشروعات محلية مثل مدن المستقبل والاستثمارات الرياضية |
| احتياطيات نقدية ضخمة | توجيه فوائض تجارية كبيرة نحو تنويع الأصول وتقليل الاعتماد على الدولار |
- تراجع احتياطيات الصين من سندات الخزانة الأمريكية
- ارتفاع استخدام اليوان في التجارة الدولية
- التحول الاستثماري لصناديق الثروة السيادية الخليجية
- تأثير التوترات الجيوسياسية والسياسات الأمريكية غير المستقرة
تكشف هذه المستجدات أن الدولار تحت الضغط يتعرض لضغوط متزايدة من عدة اتجاهات، خاصة مع استمرار السياسات الاقتصادية غير المستقرة وارتفاع الدين العام داخل الولايات المتحدة، مما يدفع الدول نحو البحث عن بدائل جزئية لتقليل المخاطر والتقليل من الاعتماد على العملة الأمريكية في المستقبل القريب.
