أفلام نوري بيلجي جيلان خالية من المشاهد الكوميدية وتعكس تفاصيل الحياة الدقيقة
أفلام نوري بيلجي جيلان تتميز بعدم وجود مشاهد كوميدية أو مضحكة، إذ يرى أن الحياة مليئة بالتفاصيل التي تتجاوز الجانب المرح، مما يجعله يركز على عمق المشاعر والتأمل في أعماله السينمائية؛ هذا ما كشف عنه المخرج التركي العالمي خلال ندوته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث تحدث بصراحة عن رؤيته الفنية التي تنبع من الكآبة والخوف والتفاصيل الدقيقة التي تشكل عالمه السينمائي الفريد.
رؤية نوري بيلجي جيلان في صناعة أفلام بلا مشاهد كوميدية
خلال حديثه في ندوة «انعكاسات سينمائية: رحلة في عوالم نوري بيلجي جيلان» التي أقيمت ضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما، أكد جيلان أن أفلامه لا تحتوي على أي مشهد مضحك أو كوميدي، مشيرًا إلى أن عدم وجود الكوميديا ليس لأن الحياة تفتقر إلى المرح، بل لأن اهتمامه الفني موجه نحو تفاصيل الحياة الدقيقة التي تعبر عن عُمق الواقع. ومن هذا المنطلق، يتجنب جيلان دمج الفكاهة في أعماله، لافتًا إلى أن هذا الاختيار يأتي من تصور مختلف للحياة والفن، حيث تُعطى الأولوية للجانب التأملي بشكل أكبر.
الخوف وإعادة قراءة السيناريو وأثرهما في تحقيق انسجام المشاهد
يواجه المخرج حالة من الخوف المستمر منذ أولى مراحل صناعة الفيلم، خصوصًا أثناء اختبارات الأداء أو الأوديشن، حيث يقول: «أخاف أن أكون مقصرًا فلا يخرج العمل مضبوطًا في النهاية»، وهذا الخوف يدفعه إلى الحرص الشديد عند اختيار الممثلين. كما أنه يعيد قراءة السيناريو بعد اختيار طاقم التمثيل ليتأكد من توافق حوارات النص مع شخصياتهم بشكل كامل، ضمانًا لتجانس الأداء مع النص. يعبر جيلان أيضًا عن كرهه للمشاهد الحوارية الطويلة، موضحًا: «لا أحب الحوار الطويل، وإذا كان السيناريو وحواره طويلًا وتم تنفيذه بفترة مطولة.. أكره الفيلم».
توجيه الممثلين والتركيز على المعاني الخفية لتعزيز الأداء
يعتمد نوري بيلجي جيلان أسلوبًا متميزًا في تعامله مع فريق التمثيل، حيث يشدد على ضرورة حفظ النص بدقة قبل التصوير، قائلاً: «أطلب منهم أن يحفظوا بطريقة جيدة جدًا، لأن بعضهم يحتفظ بالنص ويراهن على الحفظ في اللحظة الأخيرة، وبعضهم يكون عصبياً وينسى». ولا يقتصر دوره على توجيه الممثلين بطريقة تقليدية، بل يسعى وراء المعاني الخفية التي تعيد الممثل إلى جوهر المشهد وروحه الحقيقية، ويقضي وقتًا طويلًا في موقع التصوير مستكشفًا معانٍ جديدة يقولها للممثلين لتحسين الأداء بشكل أفضل. وبهذا الأسلوب العميق، جعل جيلان من تجربة العمل مع الممثلين رحلة مستمرة لاكتشاف الطبقات النفسية والشخصية لكل مشهد.
- تجنب المشاهد الكوميدية والتركيز على التأمل والتفاصيل
- الخوف كحافز لتحسين جودة العمل
- إعادة قراءة السيناريو لضمان انسجام الحوار مع الأدوار
- تركيز عالٍ على حفظ النصوص بدقة
- بحث دائم عن المعاني الخفية لتعزيز روح المشاهد
تفاصيل فلسفة نوري بيلجي جيلان في البناء السينمائي
شكّلت الندوة فرصة للاطلاع على فلسفة المخرج في خلق المشاهد وتشكيل الشخصيات التي تحمل الملامح الداكنة والمزاج الكئيب الذي يطبع أفلامه، حيث كشف جيلان جانبًا نادرًا من تجربته الفنية التي وضعته بين أبرز صناع السينما في العالم المعاصر. هذه الرؤية الفريدة لم تأتِ من فراغ؛ إذ ترسم نوري طريقًا سينمائيًا قائمًا على استكشاف المشاعر العميقة، وعلى العمل الدؤوب مع الممثلين لتقديم أداء يتجاوز الحدود السطحية للنص. ويعتبر جيلان تفاصيل الحياة الدقيقة أساسًا في نقل تجربته الفنية، مما يضع أفلامه في مكانة خاصة تتفرد بها عن الأعمال الأخرى.
