جيفري ساكس: «بريكس» تبرز كقوة اقتصادية طموحة وأمريكا تعترف بتعقيد المواجهة مع الصين

بروفيسور جيفري ساكس يؤكد أن مبادرة «بريكس» من أكثر المبادرات طموحًا في العالم، وأن الولايات المتحدة أدركت أنها لا تستطيع الانتصار في حرب تجارية أو عسكرية مع الصين، مما يعيد تشكيل خريطة القوى العالمية ويُبرز أهمية التعاون والتكامل الإقليمي خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

فرص مصر في التحول نحو نظام طاقة أخضر واقتصاد رقمي ضمن مبادرة «بريكس»

في جلسة منتدى القاهرة الثاني الذي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، تناول بروفيسور جيفري ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، الفرص المتاحة أمام مصر للانخراط في التحول نحو نظام طاقة أخضر واقتصاد رقمي ضمن مبادرة «بريكس». أشار إلى أن مصر تتمتع بواحدة من أعلى درجات سطوع الشمس في العالم، مما يمكنها من أن تصبح مركزًا رئيسيًا لتوليد الطاقة الشمسية وتوفيرها لأوروبا. وبسبب الانخفاض الكبير في تكلفة الطاقة الشمسية حتى وصلت إلى ثمانية سنتات لكل وات من الطاقة الشمسية، نصح ساكس مصر بالإسراع في تنفيذ خطوات التحول الأخضر. وأوضح أن النمو السكاني المتوقع لمصر، الذي قد يصل إلى 160 مليون نسمة بحلول منتصف القرن الجاري، يجعل التخطيط لتطوير المهارات والبنية التحتية للتنمية الخضراء والرقمية أمرًا محوريًا لاستدامة الاقتصاد الوطني وتعزيز دور مصر ضمن مبادرة «بريكس».

دروس الحرب التجارية وضرورة الأمن المشترك ضمن تحالفات مبادرة «بريكس»

تطرق بروفيسور جيفري ساكس إلى مخرجات اللقاء بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا أن الولايات المتحدة بدأت تدرك عجزها عن تحقيق انتصار حاسم في مواجهة الصين التجارية أو العسكرية؛ حيث بدأت فعليًا تخفيف حدة النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. وأوضح أن العالم في حاجة إلى بناء نظام متعدد الأقطاب يعتمد على الأمن المشترك، ويتطلب من القوى الكبرى الابتعاد عن التصعيد العسكري وتجنب توسع حلف الناتو نحو أوكرانيا إضافة إلى مشكلة تايوان. وأشار إلى أن أي وجود لقواعد عسكرية صينية أو روسية قرب حدود الولايات المتحدة، تحديدًا في المكسيك أو كندا، مرفوض تمامًا. ودعا إلى احترام السيادة الوطنية للدول الأصغر في جوار هذه القوى الكبرى وبناء تعاون إقليمي مستدام، وهو ما يتماشى مع روح التعاون التي تقودها مبادرة «بريكس».

أهمية التكامل الإقليمي والوحدة العربية في سياق مبادرة «بريكس» ومستقبل المنطقة

أكد جيفري ساكس على أهمية تعزيز التكامل الإقليمي لتحقيق نجاح الدول، حيث لا يمكن لأوكرانيا على سبيل المثال أن تزدهر بدون تعاون وثيق مع روسيا في مجالات التجارة والنقل، وكذلك الأمر ينطبق على العالم العربي. شدد على ضرورة العمل لتحقيق منطقة عربية موحدة حقيقية، مستعيدًا محاولات الرئيس جمال عبد الناصر التي قوبلت برفض الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، لكن الآن ذلك الهدف أصبح حتميًا. وأوضح أن الوحدة تعني الدمج في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة والاتصالات الرقمية، بالإضافة إلى التحديات البيئية المشتركة. كما شدد على ضرورة وجود خطة سلام حقيقية في غزة تستند على حدود دولة فلسطين قبل عام 1967، مع مشاركة مصر وتركيا وإيران والمملكة العربية السعودية في توضيح هذه الرؤية للعالم. هذه المعطيات تفتح الباب لاستراتيجية تنموية شاملة للشرق الأوسط، توظف الطاقة والاقتصاد في خدمة السلام والتنمية، لتكون مصر ضمن شبكة طاقة متكاملة تربط أوروبا وشمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط.

  • الإنخراط الفاعل لمصر في مبادرة «بريكس» يعزز دورها المحوري في الاقتصاد والتنمية المستدامة
  • التحول نحو الطاقة الشمسية والنظام الأخضر يفتح آفاقًا كبيرة للاقتصاد المصري والأوروبي
  • الأمن المشترك وتجنب المواجهات العسكرية ضرورة عالمية ضمن إطار تعدد الأقطاب
  • الوحدة العربية والتكامل الإقليمي يمثلان العمود الفقري لنمو واستقرار المنطقة
العنصرالتفصيل
تكلفة الطاقة الشمسية8 سنتات لكل وات
توقعات النمو السكاني في مصر160 مليون نسمة بحلول منتصف القرن
نسبة سكان العالم في بريكسحوالى 50%
نسبة الناتج المحلي الإجمالي العالمي في بريكسنحو نصف الناتج العالمي

تُبرز مبادرة «بريكس» أهميتها كأحد أكثر المشاريع الطموحة للتنمية المستدامة في الوقت الراهن، بأثرها المباشر على نصف سكان العالم ونحو نصف حجم الاقتصاد العالمي، متجاوزة بذلك مجموعة السبع بكثير من حيث الديناميكية والنمو. وبينما تشهد الولايات المتحدة انقسامات واضطرابات تعرقل دورها التقليدي في دعم مشاريع التنمية حول العالم، تبقى الاقتصادات الناشئة في مجموع بريكس القوة الدافعة نحو المستقبل، مُشكِّلة منصة حيوية للتعاون والتقدم. في هذا السياق، تحتل مصر مكانة رائدة ضمن هذه الحركة، بنظرة مستقبلية تستند إلى إمكاناتها الاستراتيجية والجغرافية، وتطلعاتها للتكامل الإقليمي مع الاتحاد الأفريقي والمنطقة العربية، مما يعزز فرصها في أن تكون قوة محورية تصنع الفرق في التنمية والاستقرار مستقبلًا.