أسعار الذهب بين ثلاث سيناريوهات محتملة وتأثيرها على السوق المالية

شهدت سوق الذهب حركة شراء محدودة عقب تراجع حاد بلغ نحو 11% خلال أقل من أسبوعين، ما أعاد بعض الزخم المؤقت للأسعار؛ ومع ذلك، يظل السؤال المطروح حول احتمالية استمرار هبوط الذهب وانخفاض سعر الأوقية أكثر، حيث توقع محلل الأسواق في بنك ناتيكسيس، برنارد دهده، ثلاثة سيناريوهات لتراجع سعر الذهب خلال المستقبل القريب والبعيد.

تحليل سيناريوهات هبوط سعر الذهب المحتملة

يفترض السيناريو الأول أن انخفاض سعر الذهب قد يصل إلى حد قريب من تكلفة الإنتاج الفعلية، والتي تقدر بنحو 1600 دولار للأوقية، مما يعني أن السعر قد ينخفض إلى حوالي 2000 دولار للأوقية؛ هذا الحد يعد أدنى مستوى مستدام قد يتحقق دون أن يتأثر قطاع التعدين بشكل سلبي جدًّا. وفي السيناريو الثاني، يعتمد دهده على تأثير الأسعار المرتفعة التي قد تؤدي إلى تراجع الطلب من جانب البنوك المركزية؛ إذ يمكن أن تنسحب المزيد من الاستثمارات من الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، والتي تقترب أسعارها من أعلى مستوياتها التاريخية بفارق لا يتجاوز 2%، مما قد يدفع سعر الذهب للهبوط نحو 2800 دولار للأوقية. أما السيناريو الثالث، فيُرجح أن الطلب الاستثماري سيظل مستقرًا إلى حد ما برغم انخفاض مشتريات البنوك المركزية، ما قد يجعل السعر يختبر مستوى دعم عند نحو 3450 دولارًا للأوقية.

رغم واقعية هذه السيناريوهات، يؤكد دهده أن تحققها بشكل سريع يبدو غير مرجح، معتبراً أن انخفاض سعر الذهب دون 3400 دولار سيحفز المستثمرين الصينيين على الشراء بقوة، وسيشهد السوق انتعاشًا ملحوظًا في الطلب على المجوهرات.

توقعات سعر الذهب في 2026 ومستوى الاستقرار

يرجح دهده أن تظل أسعار الذهب مستقرة قرب المستويات الحالية حتى عام 2026، متوقعًا أن يكون متوسط سعر الأوقية حوالى 3800 دولار خلال العام المقبل؛ هذا التوجه يرتبط بفقدان الارتفاع الأخير فوق 4000 دولار للأوقية زخمه سريعًا بعد أن كان ضغطًا قصير المدى في السوق. وأوضح أن استمرار الصعود يتطلب نموًا حقيقيًا في الطلب، وهو ما لا يتوفر حالياً على الرغم من الأسعار المرتفعة. إضافة إلى ذلك، كان تفاؤل المستثمرين سابقًا مرتبطًا بتوقعات تراجع حاد في الدولار الأمريكي وتباطؤ اقتصادي كبير، لكن هذه السيناريوهات لم تتحقق فعليًا مما قلل من حدة التفاؤل تجاه الذهب.

مشتريات البنوك المركزية وتأثيرها على سعر الذهب

تُشير توقعات برنارد دهده إلى أن الطلب على الذهب من البنوك المركزية سيبقى قويًا لكنه سيشهد تباطؤًا تدريجيًا مع ارتفاع الأسعار، حيث تقدر مشتريات البنوك هذا العام بنحو 900 طن، بانخفاض طفيف مقارنة بمتوسط الثلاث سنوات الماضية الذي تجاوز الألف طن سنويًا. وأكد دهده أن المليار دولار لم يعد يشتري نفس كمية الذهب كما في السابق، وذكر أن البنوك ستواصل الشراء ولكن بوتيرة أبطأ، ما يؤثر بدوره على ديناميكية السوق واستقرار السعر.

  • السيناريو الأول: سعر الذهب يصل إلى 2000 دولار للأوقية عند مستوى تكاليف الإنتاج
  • السيناريو الثاني: تراجع الطلب من البنوك المركزية يؤدي إلى انخفاض السعر إلى 2800 دولار
  • السيناريو الثالث: استقرار الطلب الاستثماري واختبار دعم عند 3450 دولار
العاممتوسط سعر الذهب (دولار للأوقية)
20253800
2026 (توقع)3800

يرى دهده كذلك أن المخاطر الصاعدة تظل أكثر احتمالية من الهبوط، لاعتماده على استمرار الطلب الاستثماري كمحرك رئيسي، خاصة مع احتمالية حدوث اضطرابات في سوق السندات الأمريكية، التي قد تحث المستثمرين على التحول نحو الذهب بدلاً من صناديق النقد قصيرة الأجل. مثل هذه التحولات يمكن أن تدفع الأسعار للارتفاع بنحو 10%، حيث إن حالة عدم اليقين المتزايدة وارتفاع الدين الأمريكي تضفي بعدًا جديدًا على تحركات سعر الذهب.

وتجدر الملاحظة أن ليس من الضروري تدفق مبالغ ضخمة من أموال سوق السندات لتؤثر على سعر الذهب بشكل واضح، إذ إن الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية تلعب دورًا هامًا في تشكيل التوجهات السوقية نحو المعدن الأصفر. يومًا بعد يوم، يبقى الذهب واحدًا من أقوى الأدوات التي تجذب المستثمرين الباحثين عن استقرار القيمة والحماية من تقلبات الأسواق المالية.