رفع أسعار البنزين يعوض خسائر قطاع الطاقة وينعكس على تكلفة المعيشة

قرار الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار في مصر رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا يستند إلى منطق اقتصادي يرتبط بتراكمات خسائر سابقة بين سعر التكلفة وسعر البيع في السوق المحلي، مما يؤثر على استقرار المالية العامة ويستلزم إصلاحات هيكلية شاملة لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحسين إنتاج الطاقة المحلي.

أسباب تخفيض دعم الوقود وارتفاع أسعار البنزين والسولار في مصر

يشير الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، إلى أن أسباب رفع أسعار البنزين والسولار في مصر تعود إلى فجوة متزايدة بين سعر التكلفة وسعر البيع، متأثرة بتراجع الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي وتأخر مستحقات الشركاء الأجانب مما أدى إلى توقف عمليات الاستكشاف لفترات طويلة، واضطرار الحكومة لاعتماد استيراد الغاز المسال من الأسواق الفورية بأسعار مرتفعة نسبيًا. وقد تحولت مصر خلال العام الماضي إلى أكبر مستورد للغاز المسال في المنطقة، مما رفع تكاليف التشغيل والنقل وعمليات التغويز. الحكومة اضطرت لتحمل جزء من هذه الأعباء دون تحميلها مباشرة على المواطنين حتى وصلت إلى قرار رفع الأسعار الأخير كخطوة لتقليل الفجوة التمويلية وتعزيز الاستقرار المالي للقطاع. وفي إطار الموازنة العامة، تم تسعير برميل النفط بـ70 دولارًا رغم انخفاضه إلى 60 دولارًا عالميًا، مما اعتُبر رفعًا جزئيًا للدعم. وبلغ دعم المواد البترولية في الموازنة قبل الزيادة الأخيرة نحو 150 مليار جنيه، إلا أن قسمًا من هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه بسبب الهدر الإداري وسوء كفاءة التعاقدات.

تثبيت أسعار البنزين والسولار ودوره في الاستقرار المالي والمرونة السوقية

يعتبر قرار الحكومة بتثبيت أسعار البنزين والسولار لنحو عام بعد الزيادة الأخيرة إجراءً لتحقيق الاستقرار في الموازنة العامة، رغم تناقضه مع انخفاض الأسعار العالمية للنفط، حيث يخفض ذلك من مرونة السوق في مواجهة التقلبات العالمية. فالمنطق الاقتصادي يفترض امتصاص صدمات ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج المتراكمة على مدى العامين الماضيين، وليس الاستجابة الفورية لتغيرات الأسعار العالمية. ويرى الدكتور نافع أن رفع الدعم الكلي عن المحروقات لا يعني اختفاء التحديات، إذ تُعد فروق التكلفة التي لا تعكسها الأسعار دعمًا ضمنيًا، بغض النظر عن تحسين مستوى الخدمات للمواطنين. لتحقيق الاستدامة، لا بد من تحرير السوق ورفع كفاءته التشغيلية بزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتحسين إدارة التعاقدات الحكومية لدعم الإنتاج المحلي من الغاز والنفط، والحد من الاعتماد على الاستيراد.

الاستقرار المالي مقابل المرونة السوقية في سياسة تسعير الوقود بمصر

اختيار الحكومة تثبيت أسعار البنزين والسولار لمدة عام كامل، رغم احتمالية انخفاض أسعار النفط عالميًا، يعني حرمان المواطن من الاستفادة من أي خفض محتمل بالأسعار خلال هذه الفترة؛ حيث تم تفضيل استقرار المالية العامة على حساب تفاعل السوق مع التغيرات الخارجية. يؤكد الدكتور نافع أن سياسة تسعير الوقود في مصر تحتاج لموازنة دقيقة بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية، عبر اعتماد آلية تسعير تفاعلية تواكب تقلبات الأسعار العالمية بدون فرض أعباء فجائية على المستهلكين، مع اهتمام خاص بمجال تحسين كفاءة الإنتاج المحلي للوقود والغاز.

  • اعتماد أسعار تعكس التكلفة الحقيقية للوقود بشكل دوري
  • تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي والنفط محليًا لتقليل الاستيراد
  • رفع كفاءة إدارة الدعم المالي وتقليل الهدر الإداري
  • تفعيل دور القطاع الخاص في قطاع الطاقة بما يزيد من المنافسة والإنتاجية
بنود دعم المحروقات في الموازنة التكلفة بالجنيه
دعم المواد البترولية قبل الزيادة الأخيرة نحو 150 مليار جنيه
سعر برميل النفط المُقدر في الموازنة أكثر من 70 دولارًا