تخطط الصين لاستكشاف القمر باستخدام روبوتين رباعي الأرجل الذكيين “آكل النمل” و”السمندر” بهدف دراسة أنفاق الحمم القمرية كملاذ آمن لبناء قواعد دائمة مستقبلًا، اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي في التنقل واتخاذ القرارات بشكل مستقل دون إشراف بشري، استعدادًا لتأسيس قاعدة بحث قمرية مستقرة قبل إرسال البعثات البشرية.
الروبوتات رباعية الأرجل واستكشاف أنفاق الحمم القمرية
بينما تتأخر الدول الغربية في تنفيذ رحلات مأهولة إلى القمر، اختارت الصين نهجًا جديدًا يتمثل في استخدام روبوتين ذكائين رباعي الأرجل يحملان أسماء غير مألوفة: “آكل النمل” و”السمندر”، ليكونا الرواد الأوائل على سطح القمر في فصل جديد من تاريخ الاستيطان الفضائي. في شمال شرق الصين، وبالتحديد داخل كهوف بركانية محاكية لتضاريس القمر القاسية قرب بحيرة جينغبو، أجرى المهندسون تجارب واقعية لاختبار قدرات الروبوتين على تسلق الصخور والتوغل في الممرات الضيقة مستخدمين عيونًا إلكترونية وأذرعًا ميكانيكية متطورة، إذ تدرس هذه الروبوتات بيئة شبيهة تمامًا لما ستواجهه على القمر. وفقًا لتصريحات فريق جامعة بكين وأكاديمية بكين للذكاء الاصطناعي، لا تقتصر هذه التجارب على جانب تقني فقط، بل تشكل خطوة مركزية في مشروع “الروبوت أولًا” الذي تتبناه الصين في مهام استكشاف القمر المستقبلية. يتزامن ذلك مع تسارع طموحات الصين الفضائية وسط منافسة عالمية محتدمة، حيث تستهدف بكين إرسال أول بعثة بشرية إلى القمر عام 2030، لكن قبل ذلك ستتقدم الروبوتات لاكتشاف أنفاق الحمم القديمة التي يُعتقد أنها بيئة مثالية لبناء قواعد دائمة.
أهمية أنفاق الحمم في الاستيطان القمري واستخدام الروبوتات رباعية الأرجل
يرى العلماء أن أنفاق الحمم الناتجة عن تدفقات بركانية قديمة توفر حماية طبيعية تحمي من التقلبات الشديدة في درجات الحرارة، التي تتراوح على سطح القمر من أكثر من 120 درجة مئوية نهارًا إلى أقل من 170 درجة تحت الصفر ليلاً، بالإضافة إلى مستوى الإشعاع الكوني الذي يزيد بنحو مئتين مرة عن الأرض، فضلًا عن انهمار النيازك الدقيقة. لذلك، تُعد مواقع هذه الأنفاق تحت السطح عنصرًا حيويًا لأي وجود بشري طويل الأمد. نتائج بعثة “تشانغ–إه 4” في 2019 تؤكد خطورة الإشعاع السطحي على البقاء لفترات طويلة، بينما المحاكاة الحاسوبية تشير إلى أن العيش داخل أنفاق الحمم قد يُقلل الجرعة الإشعاعية إلى مستويات قريبة جدًا من بيئة الأرض. لذا تمثّل مهمة الروبوتين “آكل النمل” و”السمندر” نقطة انطلاق لجمع بيانات دقيقة وحاسمة لرسم خارطة مواقع القواعد الدائمة المستقبلية.
- القدرة على التنقل الذاتي في بيئات مغلقة ومعقدة
- استخدام أدوات مسح متقدمة لإنشاء خرائط عالية الدقة
- استشعار وتحليل العينات البيئية والصخور
تكمن التحديات التقنية الأكبر في كيفية التنقل الذاتي دون تحكم فوري من الأرض بسبب تأخر الاتصال، وهنا يظهر تفوق التصميم الصيني الذي منح الروبوتين القدرة على التصرف بذكاء واستقلالية كاملة.
الذكاء الاصطناعي والروبوتات رباعية الأرجل في خدمة المستقبل القمري
الروبوت “آكل النمل” مزوّد بذراع مرنة متخصصة في التقاط العينات وتركيب المجسات والتعامل مع الصخور الحادة، بينما يعتمد “السمندر” على عجلات قابلة للتكيف تسهل مروره في ممرات ضيقة وزاحفة. يتعاون الجهازان بتبادل البيانات لبناء خرائط ثلاثية الأبعاد باستخدام تقنية الليدار والكاميرات البصرية، معتمدان بالكامل على الذكاء الاصطناعي دون مراقبة بشرية مستمرة. يشير كبير المهندسين زانغ شانغهانغ إلى أن الخوارزميات المدمجة تمكّنهما من اتخاذ قرارات فورية في بيئة يفتقران فيها إلى إشارات تحديد المواقع أو الاتصال المباشر مع الأرض، مؤكدًا أن هذه الروبوتات “تفكر، تتصرف، وتتأقلم”. تأتي هذه التكنولوجيا المتطورة كجزء من خطة أوسع لبناء محطة أبحاث دائمة على القطب الجنوبي للقمر، حيث يعتقد بوجود جليد مائي ومعادن نادرة. بعد نجاح بعثة “تشانغ–إه 6” في جلب عينات من الجانب المظلم للقمر، تستعد بعثات “تشانغ–إه 7″ و”8” لاختبار تقنيات حفر وبناء، ما يمهد الطريق لنظام بيئي متكامل يستند في بداياته إلى الروبوتات.
| المهمة | الهدف |
|---|---|
| آكل النمل | التقاط العينات وتحليل الصخور |
| السمندر | التنقل في الممرات والتضاريس المعقدة |
| تشانغ–إه 7 و8 | اختبار تقنيات الحفر والإنشاء القمري |
من منظور محللين، يعكس الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات رباعية الأرجل قبل إرسال رواد فضاء استراتيجيات ذكية توفر الوقت والجهد، وتقلل المخاطر والتكاليف المصاحبة للبعثات البشرية. وتتمثل مهام المستكشفين الآليين في تحديد المواقع المثلى، فحص الموارد الأولية للبناء، وقياس الإشعاع بشكل دقيق قبل وصول أي بعثة مأهولة بالقمر، مما يزيد فرص إنشاء قاعدة آمنة ومستقرة. هذا الرهان الجديد يركز على القدرة على البقاء والاستدامة أكثر من مجرد سرعة الوصول، حيث ترى الصين في الذكاء الاصطناعي حجر الأساس لعهد جديد في الاستيطان الفضائي، على عكس الرهان الأمريكي التقليدي على الرواد البشر.
