المخاطر البيولوجية للسفر إلى كوكب المريخ وتأثيرها على جسم الإنسان تمثل التحدي الأكبر في رحلة استكشاف الفضاء الطويلة، حيث تظهر الدراسات الحديثة لوكالة “ناسا” أن إرسال البشر إلى المريخ لا يقتصر على إنجاز تقني فقط، بل هو معركة بيولوجية معقدة تفرض تغييرات جذرية على تكوين الجسم البشري، من العظام والعضلات إلى القلب والحمض النووي.
تأثير المخاطر البيولوجية على العظام والعضلات في رحلة المريخ
تخضع العظام والعضلات لتغييرات حادة خلال الرحلة الفضائية التي تمتد بين ستة إلى تسعة أشهر، فقد أظهرت الدراسات أن العظام تفقد نحو 1٪ من كثافتها شهرياً، بمعدل يفوق بمقدار عشر مرات هشاشة العظام لدى كبار السن على الأرض، وهذا يعني تآكلاً سريعاً يهدد هيكل الجسم وقوته. بالإضافة إلى ذلك، تبدأ عضلات الساقين والظهر في الضمور بسبب قلة الحاجة إلى الحركة والدعم في بيئة انعدام الجاذبية، فتفقد هذه العضلات قدراتها تدريجياً، ما يشكل عبئاً كبيراً على قدرة الجسد على التحرك والتكيف بعد العودة للأرض أو عند الهبوط على المريخ.
تأثير المخاطر البيولوجية على القلب والسوائل والجينات خلال الرحلات الطويلة
يتعرض القلب إلى ضغوط سلبية نتيجة انعدام الجاذبية، حيث يفقد حجمه تدريجياً بسبب انخفاض الحاجة للضغط الذي يموّله لضخ الدم بكفاءة، وهذا الأمر يتسبب في ضعف الأداء القلبي مع مرور الوقت. كذلك، يتغير توزيع السوائل داخل الجسم؛ إذ تتحرك بدلاً من التركز في الأطراف السفلية كما يحدث على الأرض، إلى منطقة الرأس مسببة انتفاخ الوجه واضطرابات في الرؤية قد تصبح دائمة. على المستوى الخلوي، تظهر أبحاث التوأمين سكوت ومارك كيلي أن إقامة طويلة في الفضاء تغيّر التعبير الجيني المتعلق بعمليات إصلاح الحمض النووي ونظام المناعة، ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض المناعة الذاتية بسبب التعرض المستمر للإشعاع الكوني.
استراتيجيات “ناسا” لمواجهة المخاطر البيولوجية في رحلات المريخ
لمواجهة المخاطر البيولوجية المتعددة، تعتمد “ناسا” برامج تدريب صارمة تشمل أكثر من ساعتين يومياً من التمارين التي تحاكي الجاذبية باستخدام أجهزة متخصصة، إضافة إلى تطوير تقنيات حديثة مثل التحفيز الكهربائي للعضلات وأدوية تقي من فقدان العظام. كذلك تُجرى تجارب على أنظمة “جاذبية اصطناعية” عبر دوران المركبة لتوليد قوة طرد مركزي تحافظ على الكتلة العضلية. غير أن التهديد الأكبر يبقى الإشعاع الفضائي، حيث لا يوفر المريخ درعاً مغناطيسياً كالذي تحظى به الأرض، وقد تكون العواصف الشمسية مميتة إذا لم يجد الرواد ملجأ محصناً خلال ساعات قليلة. إضافة لذلك، تمثل العزلة النفسية تحدياً حقيقياً، مع تأخر الاتصالات مع الأرض بنحو 40 دقيقة، مما يفرض على الطاقم الاعتماد الذاتي الكامل على الصعيدين الطبي والنفسي.
- ممارسة التمارين اليومية المحاكاة للجاذبية
- استخدام التحفيز الكهربائي للعضلات
- تناول أدوية تقي من تآكل العظام
- تطوير أنظمة الجاذبية الاصطناعية داخل المركبة
- إنشاء ملاجئ محصنة ضد العواصف الشمسية
- دعم نفسي وطبي مستقل للطاقم خلال العزلة
| العامل | التأثير في رحلة المريخ |
|---|---|
| فقدان كثافة العظام | 1٪ شهرياً، أسرع بعشر مرات من هشاشة كبار السن |
| ضمور العضلات | خاصة في الساقين والظهر بسبب انعدام الحركة |
| حجم القلب | انخفاض تدريجي بسبب قلة الضغط لضخ الدم |
| توزيع السوائل | انتقال نحو الرأس يسبب انتفاخ الوجه واضطرابات الرؤية |
| التعبير الجيني | تغيرات تؤثر على إصلاح الحمض النووي والمناعة |
تؤكد “ناسا” وشركات الفضاء الخاصة أن الحلم بالوصول إلى كوكب المريخ مستمر، مع تعزيز كل تجربة في محطة الفضاء الدولية فهمنا وقدرتنا على تجاوز المخاطر البيولوجية، لكن تلك الرحلة تمثل تحدياً فريداً، إذ تتحول من مجرد قفزة تقنية إلى اختبار حقيقي لصمود الإنسان وقدرته على التأقلم والبقاء خارج موطنه الأصلي.
