نهر يارلونغ زانغبو المتغير بفعل تغيّر المناخ يمثل ظاهرة بيئية هامة تستوجب الانتباه. هذا النهر المضفر، الذي يتلوى بين جبال هضبة التبت العالية، يظهر نمطًا مستمرًا من التحول والتغير بسبب تأثيرات المناخ المتسارعة، مما يجعل فهم مساره وتطوره أمرًا حيويًا لمتابعة التغيرات البيئية في المنطقة.
نهر يارلونغ زانغبو المتغير بفعل تغيّر المناخ وتأثيراته البيئية
يحلق نهر يارلونغ زانغبو على ارتفاع يتجاوز أربعة آلاف متر فوق سطح البحر، وينساب عبر هضبة التبت متموجًا بين جبال جليدية بديعة، حاملاً لقب أعلى نهر رئيسي على كوكب الأرض؛ إلا أن صور الأقمار الصناعية لوكالة ناسا تكشف قصة مختلفة، إذ يظهر النهر كمجرى مضفر يتغير شكله بوتيرة غير مسبوقة بفعل تغيّر المناخ المتسارع. في غضون عام 2025، رصدت الأقمار الصناعية مشهدًا معقدًا لهذا النهر في منطقة زهانانغ على شرق التبت، حيث بدت المياه ملتفة كلوحة فنية متشابكة، ولكنها تحمل تحذيرًا من اضطرابات بيئية تتنامى بسرعة. ينبع النهر من نهر أنغسي الجليدي الذي كان محلّ جدل حتى عام 2011، وحاليًا يواجه ذوبانًا كبيرًا في جليده بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ما يؤثر بشكل مباشر على تدفقه وشكله.
ما يميّز نهر يارلونغ زانغبو المتغير بفعل تغيّر المناخ من بين أنهار التبت
يمتد نهر يارلونغ زانغبو لحوالي 2000 كيلومتر من منابع جليدية حتى شمال الهند، وهو أطول نهر في التبت وخامس أطول نهر في الصين، ويمر عبر أعمق وادٍ في العالم يُعرف باسم جراند كانيون يارلونغ تسانغبو، الذي يفوق عمقه 6000 متر، أي ثلاثة أضعاف عمق جراند كانيون الأمريكي. تميز هذا النهر بكونه من نوع “الأنهار المضفرة”، حيث تتفرع مياهه إلى شبكة متشابكة من القنوات التي تتغير بشكل مستمر فتتشكل أشرطة رملية تختفي ثم تعود، مما يصنع مشاهد طبيعية متقلبة يصعب على النباتات والحياة البرية الاستقرار فيها. وفقًا للجيولوجي زولتان سيلفستر من جامعة تكساس، يمكن أن تصل هذه القنوات في بعض المناطق إلى عشرين مجرى مائي في الوقت ذاته، مما يجعل النهر متقلب الشكل والمسار.
تطور نهر يارلونغ زانغبو المتغير بفعل تغيّر المناخ وتأثيراته على البنية التحتية والبيئة
يرجع العلماء التغيرات الملحوظة في نهر يارلونغ زانغبو إلى الرواسب الثقيلة التي تهطل من جبال الهيمالايا المجاورة، حيث تحملها مياه النهر وتعيد تشكيل مساراته عامًا بعد عام. وتُظهر صور الأقمار الصناعية بين عامي 1988 و2025، المجمعة من أقمار Landsat 5 و8 و9، تغيرات جذرية في تضاريس المجاري المائية للنهر، ما يجعل تتبعه والتنبؤ بمساره تحديًا كبيرًا. بُني عام 2014 جسر ضيق فوق مجرى النهر المتقلب، ويبدو في الصور كخط رفيع يُختفي بين خيوط الماء، لكن هناك مخاوف من تعرض هذا الجسر ومرافق أخرى للتلف في حال استمر التغير بوتيرة سريعة. زيادة الرواسب أدت إلى تعريض ضفاف النهر لخطر الانهيار والتعرية، وهو ما توصلت إليه دراسة حديثة في 2024، مما يشكل تهديدًا جديًا للنظم البيئية والهياكل التحتية في المنطقة. بعد مغادرته الصين يعبر النهر إلى الهند ويختلط مع نهر براهمابوترا، مواصلاً رحلته نحو دلتا الجانج والمحيط الهندي، حاملاً قصة مستمرة من التغير بين الجليد والماء.
- ارتفاع مستوى النهر وتغير مساره باستمرار
- ذوبان الأنهار الجليدية نتيجة ارتفاع الحرارة العالمية
- زيادة ترسيب الرواسب وتبدل التضاريس المائية
- تعرض البنية التحتية مثل الجسور للخطر بسبب التقلبات النهرية
- تأثير مباشر على النظم البيئية واستقرار المناظر الطبيعية
| العام | التغير في مسار نهر يارلونغ زانغبو |
|---|---|
| 1988 – 2025 | تحول ملحوظ يصعب معه التنبؤ بالمسار الدقيق |
| 2014 | إنشاء جسر يواجه تهديدات من تغيرات النهر |
| 2011 | تحديد نهر أنغسي كمنبع رسمي لنهر يارلونغ زانغبو |
| 2024 | دراسة تؤكد خطر تعرية الضفاف وزيادة ترسيب الرواسب |
نهر يارلونغ زانغبو المتغير بفعل تغيّر المناخ ليس مجرد مجرى مائي، بل هو تحفة طبيعية وشاهد حي على التغيرات البيئية المتسارعة التي تشهدها الأرض؛ حيث يكشف هذا النهر قصة مستمرة عن مواجهة الطبيعة للتحديات المناخية، ويطرح سؤالاً هامًا عن مستقبل هذه المنطقة الحيوية التي تجمع بين الجبال الشاهقة والمياه المتدفقة بطرق غير متوقعة.
