الثقوب السوداء الثلاثية: اكتشاف نظام فلكي جديد يعيد تعريف علم الفضاء
رصد فريق من الفلكيين الصينيين نظامًا نادرًا من الثقوب السوداء الثلاثية، ما قد يمثل خطوة كبيرة في فهمنا لبنية وتطور الثقوب السوداء في الكون، حيث اكتشف الفريق ثلاثيًا معقدًا يحتشد في رقصة كالرقصة الموسيقية المعروفة فالز، وذلك بعد تعقب ثقب أسود فائق الكتلة كان مختفيًا في خلفية حدث موجات جاذبية غريب، لا يذكر منذ أكثر من ست سنوات.
كيف رُصد نظام الثقوب السوداء الثلاثية الغامض باستخدام موجات الجاذبية
في عام 2019، رصد مرصد ليغو سلسلة من التموجات الخافتة في نسيج الزمكان، والمعروفة بموجات الجاذبية، والتي نشأت على ما يبدو من اندماج ثقبين أسودين يبعدان ما بين 544 إلى 912 سنة ضوئية عن الأرض، وكانت تلك الظاهرة المعروفة باسم GW190814 ذات أهمية خاصة بسبب الاختلاف الكبير في كتل الثقوب السوداء المندمجة التي وصلت إلى 23 و2.6 كتلة شمسية على التوالي. عادة ما تملك الثقوب السوداء المندمجة كتلًا متقاربة لتوفير درجة مناسبة من تداخل الجاذبية تمكنها من الاندماج، لكن GW190814 تميز بأنه يحمل أكبر تفاوت في الكتل التي تم تسجيلها عن طريق موجات الجاذبية وفقًا لدراسة 2020، حيث أثار حجم الثقب الأسود الأصغر دهشة العلماء لكونه بالكاد يصل لعتبة أن يكون ثقبًا أسودًا.
ومن هذا المنطلق، اقترح علماء الفلك في دراسة حديثة أن التفاعل بين الثقبين المندمجين لم يكن نتيجة تصادم ثنائي تقليدي، إذ برزت فرضية وجود جسم ثالث غير مرئي زودهما بدفعة جاذبية إضافية مكنت من اندماجهما رغم الفوارق الكبيرة في الكتل، مما يعكس تعقيد النظام الجاذبي الذي لم يكن معروفًا مسبقًا.
دور المحاكاة وتحليل بيانات ليغو في كشف بصمة الجسم الثالث في نظام الثقوب السوداء الثلاثية
اعتمد الباحثون على محاكاة معقدة للتنبؤ بكيفية تأثير وجود جسم ثالث على موجات الجاذبية الناتجة من الاندماج، حيث تم التعرف على بصمة إشارة منفردة تدل على وجود جسم مختبئ، ثم أعادوا فحص بيانات ليغو الأصلية من حدث GW190814 ووجدوا أن هذه البصمة كانت موجودة فعلاً. هذا الاكتشاف عززه وين بياو هان عالم الفلك في الأكاديمية الصينية للعلوم الذي أكد أن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها دليل دولي قاطع على وجود جسم ثالث مدمج في حادث اندماج ثقب أسود ثنائي، ما يشير إلى أن هذه الثقوب السوداء الثنائية لم تتشكل بمعزل عن بعضها، بل كانت جزءًا من نظام جاذبي أكبر وأكثر تعقيدًا.
وتشير المحاكاة إلى أن الجسم الثالث هو ثقب أسود فائق الكتلة لا يزال حجمُه غير مفهوم بالكامل، لكن يُقدر الحد الأدنى لحجمه بما لا يقل عن 100,000 كتلة شمسية، مما يجعله أكبر بكثير من الجسمين الآخرين المندمجين في النظام.
التركيب الفريد للنظام وتأثيره في تطور الثقوب السوداء الثلاثية عبر الزمن
يتضح أن الثقبين الأصغر هما جزء من نظام ثنائي يدور حول الثقب الأسود الفائق الكتلة، بحركة شبيهة بدوران الأرض والقمر حول الشمس في رحلتهم المشتركة، وهو أول مرة يُلاحظ فيها مثل هذا الترتيب في نظام ثقوب سوداء. ويُتوقع أن يستمر الثقب الأسود الناتج عن اندماج الثقبين الأصغر في هذه الرقصة حول الشريك فائق الكتلة لعدة مليارات من السنين، قبل أن يبتلعه الأخير في نهاية الأمر.
يؤكد الفلكي هان أن هذه الاكتشافات تمنحنا نظرة عميقة ليس فقط على طرق تشكل الثقوب السوداء الثنائية، بل توفر وسيلة جديدة لتشخيص الأجسام العملاقة المختفية خلف اندماجات ثقوب سوداء ذات كتل غير متساوية. ولقد أتاح مرصد ليغو، منذ اكتشافه الأول لموجات الجاذبية في 2015، رصد أكثر من 100 حدث موجات جاذبية إضافي، معظمها بسبب اندماج ثقوب سوداء، ويقدم كل رصد جديد بيانات حيوية تساهم في كشف أسرار أضخم الأجسام في الكون، التي لطالما عُرفت بصعوبتها في الدراسة.
- رصد موجات الجاذبية عبر مرصد ليغو
- تحليل الاندماجات غير المتكافئة للثقوب السوداء
- استخدام المحاكاة لتحديد وجود أجسام ثالثة في النظام
- تفسير التفاعلات المعقدة في نظام الثقوب السوداء الثلاثية
- تأثير الاكتشاف على فهم تطور الثقوب السوداء في الكون
| الحدث الكوني | GW190814 |
|---|---|
| المسافة من الأرض | 544 – 912 سنة ضوئية |
| كتل الثقوب السوداء المندمجة | 23 و2.6 كتلة شمسية |
| الكتلة التقديرية للجسم الثالث | 100,000 كتلة شمسية على الأقل |
