صندوق النقد يحذر من مخاطر أكبر على الاقتصاد الصيني إذا لم تُعالج الاختلالات الحالية

الصين تواجه اختلالات اقتصادية كبيرة مع نزاع تجاري متصاعد، إذ باتت الحاجة ملحة لمعالجة هذه التحديات قبل أن تؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية الدولية وزيادة الضغوط على الاقتصاد الصيني، خاصة في ظل موجة الانكماش المستمرة وانخفاض سعر الصرف الحقيقي للرنمينبي الذي أدى إلى تعزيز الصادرات لكنه عمق النزاعات مع الغرب.

الاختلالات الاقتصادية في الصين وتأثيرها على أسعار الصرف والتصدير

حث صندوق النقد الدولي الصين على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تؤثر على استقرار العملة المحلية، إذ أشار إلى أن انخفاض التضخم المحلي مقارنة بالشركاء التجاريين تسبب في تراجع ملحوظ في سعر الصرف الحقيقي للرنمينبي، مما ساعد بقوة في تعزيز الصادرات لكنه أدى إلى تفاقم الاختلالات الخارجية. وتظهر البيانات الرسمية أن فائض تجارة السلع الصينية لعام 2025 تجاوز تريليون دولار لأول مرة في تاريخ البلاد، وهو رقم يعكس أهمية التصدير في الاقتصاد الصيني لكنه يشير في الوقت نفسه إلى مخاطر متزايدة على العلاقات التجارية مع الدول الأخرى. كما أشار التقرير إلى أن الاعتماد المفرط على الصادرات لم يعد خيارًا آمنًا في مواجهة تصاعد النزاعات التجارية وتطبيق سياسات أكثر تشددًا من قِبل الحكومات العالمية تجاه الممارسات التجارية الصينية، خاصة مع تسجيل مؤشر أسعار المنتجين انكماشًا بلغت نسبته 2.2% للشهر الـ38 على التوالي.

العملة الصينية تحت ضغوط متزايدة وتحذيرات من ردود أوروبية متشددة

رغم التفوق التجاري الصيني، شهد الرنمينبي انخفاضًا حادًا عند التعامل مقابل اليورو، مسجلاً أدنى مستوى له خلال العقد الماضي بانخفاض 7.5% منذ بداية العام، وهو ما أثار قلق غرفة التجارة الأوروبية في الصين التي ربطت بين تراجع العملة وتصاعد احتمالات فرض الاتحاد الأوروبي لإجراءات مضادة مثل تحقيقات مكافحة الإغراق وفرض تعريفات جمركية جديدة. ويرجع هذا الانخفاض المتواصل في سعر الصرف الفعلي الحقيقي، الذي بلغ 18% من ذروته في مارس 2022، إلى ضغوط سوقية متعددة تؤكدها تصريحات ينس إسكيلوند، رئيس غرفة التجارة الأوروبية، الذي حذر من أن الاستهانة بمعالجة هذه الاختلالات الاقتصادية قد تؤدي إلى مواجهات تجارية مفتوحة تأخذ منحى تصاعديًا ضارًا بالنظام التجاري العالمي. وتتجلى هذه الضغوط في ضرورة الصين التوازن بين دعم صادراتها والحفاظ على استقرار عملتها لتجنب تصعيد النزاعات المتزايدة.

ردود الأفعال الدولية ودعوات رفع قيمة الرنمينبي وتحفيز الاقتصاد المحلي

في رد بكيني رسمي، نفت السلطات الصينية وجود أي تلاعب في سعر صرف الرنمينبي، مؤكدة أن بنك الشعب الصيني يعتمد السياسات السوقية في تحديد قيمة العملة، وأن فائض التجارة الضخم يعود إلى قوة الصناعة الوطنية وليس التلاعب المالي. ومع ذلك، يطالب خبراء اقتصاديون مرموقون ومنهم براد سيتسر ومارك سوبيل الصين في دراستهم المشتركة بإجراء تحركات تستهدف رفع قيمة الرنمينبي للحد من الفوائض التجارية المثيرة للحساسية الجيوسياسية، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الطلب المحلي عبر رفع القدرة الشرائية للمستهلكين، بدلاً من التركيز المفرط على دعم الصادرات والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. ويرى هؤلاء الاقتصاديون أن تركيز الصين المستمر على القطاعات الصناعية والتقنية دون تحفيز استهلاك السوق المحلية ساهم في بقاء معدلات الأسعار منخفضة، مما زاد من اعتماد الاقتصاد على التصدير، وهو نموذج بات يمثل عامل ضعف في ظل بيئة تجارية دولية متقلبة.

  • ضرورة معالجة الاختلالات الاقتصادية وتراجع سعر صرف الرنمينبي
  • الارتفاع الحاد في فائض تجارة السلع وتعقيداته العالمية
  • التوترات التجارية المتزايدة وردود الفعل الأوروبية المحتملة
  • المطالبات الدولية برفع قيمة العملة وتحفيز الطلب الداخلي
المؤشر التغير
فائض تجارة السلع الصينية 2025 أكثر من 1 تريليون دولار
انخفاض مؤشر أسعار المنتجين في نوفمبر -2.2%
انخفاض الرنمينبي مقابل اليورو منذ بداية العام -7.5%
انخفاض سعر الصرف الفعلي الحقيقي منذ ذروته مارس 2022 -18%

تتصاعد الضغوط على الاقتصاد الصيني بين تراجع التنمية المحلية وزيادة الاختلالات الاقتصادية التي تنذر بمخاطر تصعيد النزاعات التجارية مع الغرب، ما يجعل معالجة هذه الاختلالات أمراً حيوياً لاستقرار النمو. بينما تصر بكين على مكانتها كدعامة أساسية في التجارة العالمية، يحذر صندوق النقد الدولي من أن أي تجاهل لهذه التحديات سيؤدي إلى مزيد من التقلبات وعدم استقرار الاقتصاد الصيني مستقبلاً، ما يتطلب من الصين اعتماد إصلاحات هيكلية مستعجلة لتحصين اقتصادها من الانزلاق نحو أزمات أكثر حدة.