ديون البلدان النامية تصل إلى 8.9 تريليون دولار وتزيد مخاطر أزمة اقتصادية عالمية

ديون البلدان النامية تبلغ مستوى قياسي بلغ 8.9 تريليون دولار بنهاية عام 2024، وفق تقرير الديون الدولية 2025 الصادر عن البنك الدولي، مع زيادة طفيفة بنسبة 1.1% فقط عن العام السابق؛ وهو أبطأ نمو تسجله هذه الديون خلال عقد كامل رغم ذلك، يبقى إجمالي دين هذه البلدان عند أعلى مستوى له على الإطلاق، ما يعكس تحديات مالية متزايدة ونقصًا متأصلًا في تدفقات التمويل الجديد.

التدفقات المالية الصافية إلى الدول النامية: خروج 205 مليارات دولار في 2024

تُظهر بيانات تقرير الديون الدولية أن دول العالم النامية دفعت في 2024 مبلغًا إجماليًا قدره 205.1 مليار دولار كمدفوعات خدمة الدين، متجاوزة بذلك حجم القروض الجديدة التي حصلت عليها؛ وهو ما يمثل السنة الثالثة على التوالي من التدفقات المالية السلبية لهذه البلدان، مما يفرض ضغوطًا متزايدة على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري، لا سيما في الدول الأكثر هشاشة وفقيرًا. وعلاوة على ذلك، ارتفعت مدفوعات الفوائد على الدين الخارجي لتبلغ 415.4 مليار دولار في عام 2024، وهو أعلى مستوى مسجل تاريخيًا، بزيادة 2.2% عن السنة السابقة.

تعكس هذه الأرقام الأعباء الثقيلة التي تتحملها الدول النامية، حيث يعاني شخص من بين كل شخصين في 22 من أكثر الدول مديونية من نقص حاد في توفير الغذاء الكافي، وذلك بسبب تداعيات الأزمات المالية التي أثرت بشدة على سبل العيش والقدرة الشرائية للسكان.

تجدد نشاط أسواق السندات في البلدان النامية يترافق مع تحديات مالية كبيرة

شهدت أسواق السندات الدولية عودة ملحوظة في عام 2024 بعد فترة انكماش، حيث ضخ المستثمرون حوالي 55 مليار دولار تجاه الدول النامية، مقارنة بخروج 75.4 مليار في العام السابق، لكن مع ذلك، جرى هذا التدفق بتكاليف مالية مرتفعة إذ وصلت أسعار الفائدة على الإصدارات الجديدة إلى 10% في بعض الحالات. ويتضح من التقرير أن 50 دولة من أصل 86 دولة متوفر لها بيانات، شهدت زيادة في ديونها المحلية تفوق ارتفاع ديونها الخارجية، وهو ما يشير إلى تحول واضح نحو الاقتراض الداخلي لتغطية العجز المالي مع تباطؤ فرص التمويل الدولي.

يحذر التقرير من أن هذا التوسع في الدين المحلي قد يؤدي إلى زيادة تعرض البنوك المحلية للمخاطر المرتبطة بدفع الدين، بالإضافة إلى مخاطر متزايدة تتعلق بالسداد على المدى القصير، وهو ما يجعل الإعسار وإعادة الهيكلة أمرًا شائعًا. فعام 2024 شهد إعادة هيكلة ديون بقيمة 90 مليار دولار، وهو الأعلى منذ عام 2010، حيث تضمنت هذه العمليات خفض ديون في دول مثل غانا، هايتي، سريلانكا، والصومال، ونصف هذه الديون ينتمي لدول مؤهلة للتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية (IDA).

المؤشر المالي القيمة لعام 2024
إجمالي الدين الخارجي 8.9 تريليون دولار
مدفوعات خدمة الدين الصافية 205.1 مليار دولار
مدفوعات الفوائد 415.4 مليار دولار
تدفقات أسواق السندات 55 مليار دولار
ديون معاد هيكلتها 90 مليار دولار
  • زيادة ضغوط الإنفاق الاجتماعي والاستثماري
  • ارتفاع تكاليف الفائدة في الاقتراض الجديد
  • تحول ملحوظ نحو الديون الداخلية مقابل الخارجية
  • تصاعد المخاطر المالية المرتبطة بالبنوك المحلية
  • انتعاش إعادة هيكلة الديون في الدول الأكثر فقراً

دعوات البنك الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة مع تحذير من احتمالية أزمة أعمق

وجّه كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، إنديرميت غيل، تحذيرًا من أن مؤشرات التحسن المالي التي تشهدها الدول النامية قد تكون مؤقتة فقط، معبّرًا عن خشية البنك من التوجه نحو أزمة أكثر عمقًا في حال فشل هذه الدول في اتخاذ خطوات جذرية لتعزيز الاستدامة المالية وتقليل اعتمادها على ديون مرتفعة التكلفة، وذلك من خلال استراتيجيات مالية أكثر فعالية وإصلاحات اقتصادية ضرورية قد توقف التدهور الحالي في أوضاعها المالية.

يبقى التحدي الأكبر أمام البلدان النامية هو احتواء مستويات الديون المتصاعدة وتوفير مصادر تمويل مستدامة تساعد على تخفيف العبء المالي، إلى جانب حماية برامج الإنفاق الاجتماعي التي تؤثر على حياة الملايين، خصوصًا في ظل ما تفرضه هذه الأوضاع من صعوبات اجتماعية واقتصادية متشابكة.