ذكرى تجليس البابا شنودة الثالث تبرز دوره كرمز استقرار الكنيسة القبطية عبر تاريخها

تمر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بذكرى هامة لتجليس البابا شنودة الثالث البطريرك الـ117، الذي حمل عبء القيادة الروحية بأمانة وأثرى حياة الأجيال بكلماته وأعماله خلال أكثر من أربعين عامًا من الخدمة والتعليم المستمر. حدث التجليس الذي وقع في 14 نوفمبر 1971 يُعد محطة فاصلة في تاريخ الكنيسة، حيث قاد البابا شنودة الكنيسة بحكمة وإيمان.

سيرة البابا شنودة الثالث وتجربته في التعليم الروحي

ولد البابا شنودة الثالث في 3 أغسطس 1923 بقرية سلام بأسيوط، حيث تشرب منذ صغره حب العلم والكلمة، مما دفعه إلى السعي للتحصيل العلمي الروحي والدنيوي؛ فقد حصل على ليسانس آداب قسم التاريخ من جامعة فؤاد الأول قبل أن يلتحق بالكلية الإكليريكية ويتخرج عام 1949. عمل في بداية خدمته معلّمًا في مدارس الأحد، مما عكس شغفه بالتربية والتعليم داخل الكنيسة، قبل أن يعتزل العالم ويتجه إلى حياة الرهبنة عام 1954 في دير السريان، تجربته التي شكلت أساس تكوينه الروحي العميق. بدأ مشواره الكهنوتي بالقس عام 1958 ثم أسقفًا للتعليم عام 1962، حيث وضع أسس التعليم المنهجي داخل الكنيسة وشكّل منبرًا للكلمة المكتوبة والمنطوقة.

تجليس البابا شنودة الثالث ودوره في تحديث الكنيسة القبطية

جاء تجليس البابا شنودة الثالث في 14 نوفمبر 1971، بعد اختيار القرعة الهيكلية، ليخلف البابا كيرلس السادس على الكرسي المرقسي، في لحظة تاريخية حملت أجواء روحانية عميقة جمعت الكنيسة كلها. خلال سنوات رئاسته المبكرة، ركز على إعادة تنظيم الإيبارشيات وتأسيس مدارس لاهوتية، بالإضافة إلى إطلاق مجلة الكرازة التي أصبحت منصة مهمة للفكر القبطي، وعظاته الأسبوعية في الكاتدرائية المرقسية صارت تجذب آلاف المستمعين من مختلف الطوائف، لما تميزت به من مزيج نادر بين الفكر الراقي والحس الإيماني.

توسيع دائرة الخدمة وإرث البابا شنودة الثالث اللاهوتي والوطني

امتدت خدمة البابا شنودة الثالث إلى المهجر، حيث أسس الكنائس ورسم عددًا كبيرًا من الأساقفة والكهنة لخدمة الأقباط في أوروبا وأمريكا وأستراليا، مما عزز الحضور القبطي العالمي. كما كان له دور بارز في تعزيز الحوار بين الكنائس العالمية، إذ كان أول بطريرك قبطي يزور الفاتيكان بعد انقطاع دام عدة قرون. اشتهر البابا بنظرته الوطنية العميقة، وصموده في الدفاع عن وحدة الوطن والكنيسة، حيث كان يرد على محاولات الإساءة بالحب، وعلى الجهل بالعلم، ويدعو إلى الصلاة في وجه كل تحدٍ. يظل إرثه حيًا في قلوب الأقباط، حيث تُتلى كلماته، وتُدرس مؤلفاته، وتُخلّد صورته كراعٍ روحي ومعلّم لا يُنسى.

الحدث التاريخ الوصف
ميلاد البابا شنودة الثالث 3 أغسطس 1923 في قرية سلام بمحافظة أسيوط
دير السريان والسنوات الرهبانية 1954 – 1958 حياة الوحدة والتأمل التي شكلت شخصيته
تجليس البابا شنودة الثالث 14 نوفمبر 1971 اختياره بقرعة هيكلية ليصل إلى الكرسي البابوي
رحيله 17 مارس 2012 رحل بعد أكثر من أربعة عقود من الخدمة والتأثير

الكلمة التي قالها البابا شنودة تعكس جوهر حياته: “كن بسيطًا في كلامك، عميقًا في فكرك، صادقًا في حبك، لأن الله وحده يعلم ما في القلوب”، وهذه الكلمات لا تزال تلخص فلسفته في القيادة والريادة الروحية. مع مرور السنوات، يستمر تأثير البابا شنودة الثالث في إحياء روحية الكنيسة وتعزيز ارتباطها بالمجتمع المصري والعالم، تاركًا مسيرة لا تنسى تسطرها صفحات الإيمان والخدمة.