فلسطين المحك الحقيقي للعدالة العالمية يشكل قضية مركزية في التحديات التي تواجه النظام الدولي اليوم؛ حيث حذر السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، من تدهور أسس النظام الدولي، والذي بات يشهد تطبيقًا انتقائيًا للقواعد على الضعفاء، بينما تتجاهل الأقوياء هذه القواعد، مما يعكس واقعًا إقليميًا ودوليًا خطيرًا. هذا الانهيار في النظام العالمي يثير تساؤلات حول مستقبل العدالة والمساواة في الشرق الأوسط والعالم.
تآكل النظام الدولي وتأثيره على فلسطين المحك الحقيقي للعدالة العالمية
يبرز في المشهد الدولي الحالي ضعف مؤسسات الأمن الجماعي، حيث يرى السفير نبيل فهمي أن مجلس الأمن الدولي يعاني من شلل واضح، وتتنتهك القوانين الدولية بصورة يومية وبصورة استباقية من قبل قوى عسكرية خارج الأطر الشرعية. هذا الواقع يعكس هشاشة النظام الدولي في مواجهة قضايا حاسمة مثل فلسطين التي تمثل المحك الحقيقي للعدالة العالمية؛ فالمنطقة تشهد تناقضًا بين مبادئ القانون والأفعال، مما يسمح باستمرار الاحتلال والظلم، وهو ما يدينه فهمي باعتباره نوعًا من النفاق الدولي. بهذه الصورة يبدو أن القوة تسبق العدالة والمبادئ، ما يزيد من التشابك المعقد للتحديات التي تواجه الشرق الأوسط.
الأزمات الاستراتيجية والهوية في الشرق الأوسط بين إعادة التوازن والتنافس الشديد
تحت عنوان “معضلة الشرق الأوسط: إلى أين؟”، أوضح السفير نبيل فهمي أن الشرق الأوسط لا يمثل مجرد مكان مراقب سلبي وإنما مسرحًا مركزيًا لتقاطع الطموحات الإقليمية والتنافسات العالمية والتطلعات المحلية. وأشار إلى أن الشرق الأوسط يمر بثلاثة مسارات محورية لإعادة تشكيل بنيته السياسية: إعادة توزيع القوة الإقليمية مع ظهور فاعلين جدد تضفي تنافسات متزايدة، انهيار الأطر الأمنية التقليدية والاعتماد الكلي على قوى خارجية، إضافةً إلى الصراع على الهوية والانتماء الذي يسعى إلى تذويب الهوية العربية ضمن مفهوم مبهم للشرق أوسط. دعا فهمي إلى ضرورة تحديد مستقبل المنطقة بأيدي شعوبها، وإلا فإن تحديده سيكون بيد قوى خارجية لا تراعي تطلعاتهم، مما يزيد من أهمية القضية الفلسطينية التي تمثل الاختبار الأهم للعدالة في العالم.
السبل الدولية والإقليمية لتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال في فلسطين
في بحثه عن حلول للواقع الفلسطيني، أكد السفير نبيل فهمي أن عالمًا يسمح بالاحتلال والظلم الدائم لا يمكن أن يدعي التزامه بالقانون أو المساواة. وطالب بموقف دولي ثابت يضع حدًا للاحتلال، ويعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ويُفعل آليات المساءلة القانونية تجاه الانتهاكات المستمرة. وانتقد فهمي اتفاق غزة الأخير بوصفه اتفاقًا إطاريًا هشًا، قائمًا على تفسير سياسي داخلي لأمريكا وإسرائيل، وليس خارطة طريق حقيقية للسلام. وشدد على ضرورة دعم الاتفاق عبر مجلس الأمن، وتوفير دعم إنساني مستدام لغزة، وانسحاب إسرائيلي تدريجي وكامل، بالإضافة إلى التصدي لمحاولات تهويد الضفة الغربية واستخدام العنف الممنهج. كما أشار إلى أهمية إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، مستلهمًا اقتراح مصر وإيران عام 1974، خاصة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة غير الموقعة على معاهدة عدم الانتشار.
- إدراك التحديات بصدق وموضوعية
- تبني إصلاحات وطنية وإقليمية مستمرة
- تشجيع مشاركة مكونات المجتمع المختلفة
- الانتقال من الخطابات إلى التكامل العملي
- الاستثمار في رأس المال البشري
يُذكر أن السفير نبيل فهمي يصف العالم العربي بأنه يقف على مفترق طرق، يمتلك موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا، وموارد طاقة هائلة، وشبابًا يملكون إمكانات كبيرة، بالإضافة إلى إرث حضاري عظيم. هذه العوامل مجتمعة تفرض مسؤولية التحرك الجاد والمستمر لمواجهة التحديات، وصياغة مستقبل يعكس قيم العدالة والمساواة، ويصون الهوية العربية وتطلعات شعوب الشرق الأوسط، حيث يكون للسؤال الأهم — فلسطين المحك الحقيقي للعدالة العالمية — الإجابة التي تعيد التوازن إلى المنطقة وتكفل حقوق شعوبها دون نفاق أو ظلم دائم.
