تمثال رمسيس الثاني العملاق يحمل أهمية تاريخية وجمالية استثنائية، فهو شاهد صامت على العظمة التي امتزجت بالفن والهندسة في الحضارة المصرية القديمة، ويجسد إرث الملك رمسيس الثاني الذي حكم مصر في أزهى عصورها خلال الفترة من 1279 إلى 1213 ق.م. هذا التمثال الضخم لا يمثل فقط عملًا فنيًا هائلًا، بل هو أيضًا رمز قوي لمعاني القوة والسيادة الملكية، مما يجعل دراسة المراحل التاريخية لنقل التمثال العملاق أمرًا ضروريًا لفهم رحلة هذا الإرث الفريد.
| المواصفة | التفاصيل |
|---|---|
| تاريخ الاكتشاف | 1820 |
| المكتشف | جيوفاني باتيستا كافيجليا |
| الموقع الأصلي | معبد ميت رهينة قرب ممفيس |
| المادة | الجرانيت الوردي (الأحمر) |
| الارتفاع | حوالي 11 إلى 12 مترًا |
| الوزن | 83 طنًا للتمثال، و123 طنًا مع القاعدة |
اكتشاف ومواصفات تمثال رمسيس الثاني العملاق
تم اكتشاف تمثال رمسيس الثاني العملاق عام 1820 على يد المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافيجليا ضمن موقع معبد ميت رهينة بالقرب من ممفيس العاصمة القديمة، حينها وُجد التمثال مقسمًا إلى ستة أجزاء متفرقة. يتكون التمثال من الجرانيت الوردي ذو اللون الأحمر المميز، ويبلغ ارتفاعه حوالي 11 إلى 12 مترًا، بينما يزن وحده نحو 83 طنًا، ويزيد وزنه الإجمالي مع قاعدته عن 123 طنًا، ما يجعله تحفة هندسية حقيقية. يجسد تمثال رمسيس الثاني صورة الملك واقفًا متربعًا على عرش مجده التاريخي، حيث يرتدي غطاء الرأس الفرعوني التقليدي المعروف بـ “النمس”، الذي يزينه رمز “الصل” أو الكوبرا، رمز الحماية الملكية والإلهية، مما يعزز حضور الملك وقوته.
الأهمية التاريخية والفنية لتمثال رمسيس الثاني العملاق
يحظى تمثال رمسيس الثاني العملاق بمكانة خاصة باعتباره تمثالا يعكس الإرث الحضاري لأشهر فراعنة الأسرة التاسعة عشرة، الملقب بـ “الجد الأعظم”، حيث يعتبر أشد ملوك الإمبراطورية المصرية قوة وسمعة. حكم رمسيس الثاني مصر لأكثر من 66 عامًا، حقق خلالها الكثير من الإنجازات العسكرية والجغرافية الواسعة، وتمكن من توقيع أقدم معاهدة سلام تاريخية مع الحيثيين، معاهدة قادش، التي تعد علامة بارزة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية. كما ترك إرثًا معماريًا هائلاً، من خلال بناء المعابد والمسلات المهيبة مثل مسلة الأقصر ومسلة ميدان الكونكورد في باريس. يرمز التمثال إلى القوة والخلود بتصويره لملامح الملك الشابة وجسده المفتول العضلات، وقد أُراد منه كذلك أن يؤكد المحاور الإلهية لحكم رمسيس من خلال ربطه بالإله آمون رع، الإله الأبرز في المعتقد المصري القديم.
المراحل التاريخية لنقل التمثال العملاق لرمسيس الثاني
شهد تمثال رمسيس الثاني العملاق سلسلة من عمليات النقل التاريخية التي تعكس حرص مصر على صون تراثها ورعاية آثارها بحرفية عالية وإخلاص، حيث اختلفت المواقع التي احتضنت التمثال عبر العقود لتأمينه من التهديدات الخارجية والتقنية:
- النقل الأول (1955): بناء على توجيه الرئيس جمال عبد الناصر، تم نقل التمثال من معبد ميت رهينة إلى ميدان باب الحديد في القاهرة، الذي تحول فيما بعد إلى ميدان رمسيس، ليصبح معلمًا حضاريًا يحتل قلب العاصمة.
- النقل الثاني (2006): نقل التمثال إلى منطقة الأهرامات بالجيزة بالقرب من موقع المتحف المصري الكبير المؤقت، وذلك لحمايته من التلوث البيئي، عوادم السيارات، والاهتزازات الناتجة عن حركة القطارات والمترو التي أثرت على مادته ونقوشه.
- النقل الثالث والأخير (2018): في موكب مهيب، نُقل التمثال إلى بهو المتحف المصري الكبير (GEM)، حيث أُثبت كأول قطعة أثرية ضخمة ترحب بالزائرين، لترسخ رمزية عظمة رمسيس الثاني كأحد أعظم ملوك مصر التاريخيين.
لقد تم تنفيذ النقل الأخير بتقنيات هندسية متقدمة شملت استخدام أجهزة الليزر لقياس أدق تفاصيل التمثال، مع تجهيز قاعدة النقل بـ 128 عجلة موزعة على 16 محورًا لتوزيع وزن التمثال الكبير (83 طنًا) بشكل آمن، ما حمى التمثال من أي أضرار محتملة، وأتاحت العملية بقاء التمثال في وضعية قائمته دون انحناء لضمان ثباته وسلامته.
تمثال رمسيس الثاني العملاق اليوم يحتل مكانة رئيسية في بهو المتحف المصري الكبير، حيث يقف شامخًا خلف الواجهة الزجاجية الضخمة، بما يعكس أجواء مجيدة تربط الماضي المجيد للمصريين القدماء بحلم المستقبل، ويظل أيقونة في التاريخ والثقافة، تجذب الزوار وتُلهم الباحثين على السواء.
