تمثال رمسيس الثاني العملاق هو من أبرز رموز الحضارة المصرية القديمة، الذي يعبر عن عظمة الملك رمسيس الثاني، ثالث فراعنة الأسرة التاسعة عشرة، الذي قاد مصر خلال العصر الذهبي (1279-1213 ق.م)؛ إذ يشكل هذا التمثال تجسيدًا فنيًا وهندسيًا فريدًا يبرز قوة وعظمة الثقافة المصرية عبر العصور.
اكتشاف تمثال رمسيس الثاني العملاق ومواصفاته الفنية
في عام 1820، اكتشف المستكشف الإيطالي جيوفاني باتيستا كافيجليا تمثال رمسيس الثاني العملاق في معبد ميت رهينة قرب ممفيس، العاصمة القديمة لمصر، حيث وجد التمثال مقسمًا إلى ستة أجزاء منفصلة. يُصنع التمثال من الجرانيت الوردي، وارتفاعه يترواح بين 11 و12 مترًا، في حين يصل وزن التمثال إلى نحو 83 طنًا، ويزيد الوزن الإجمالي مع القاعدة عن 123 طنًا. يُظهر العمل الفني الملك رمسيس الثاني واقفًا بثقة ووقار، مرتديًا طاقية “النمس” الفرعونية، مرصعة برمز الكوبرا (الصل)، الذي يرمز إلى السيادة والحماية الإلهية، مما يعكس القوة الملكية والحضور الإلهي للفرعون.
الأهمية التاريخية لتمثال رمسيس الثاني ورحلته عبر الزمن
يحمل تمثال رمسيس الثاني أهمية تاريخية وأثرية كبيرة باعتباره شهادة صامتة على إنجازات الفرعون الذي لقّب بـ”الجد الأعظم” وأكثر فراعنة مصر نفوذًا وشهرةً، حيث حكم البلاد لمدة 66 عامًا شهدت توسعًا جغرافيًا وانتصارات عسكرية بارزة، إضافة إلى توقيعه أقدم معاهدة سلام تاريخية مع الحيثيين (معاهدة قادش). هذا التمثال يعكس الإرث المعماري الذي تركه رمسيس الثاني؛ فقد بُنيت في عهده العديد من المعابد والمسلات مثل مسلة الأقصر ومسلة ميدان الكونكورد بباريس. كما يحمل التمثال دلالات رمزية، إذ يُربط الفرعون بالإله آمون رع، إله الشمس، عبر ملامحه الشابة والجسم المفتول العضلات، ما يرمز إلى القوة والحياة المستمرة.
مراحل نقل تمثال رمسيس الثاني العملاق والمحافظة على إرثه
شهد تمثال رمسيس الثاني رحلة نقل تاريخية متعددة المراحل، تعكس حرص مصر على حماية تراثها:
- النقل الأول (1955): بتوجيه من الرئيس جمال عبد الناصر، انتقل التمثال من ميت رهينة إلى ميدان باب الحديد، الذي سمي لاحقًا ميدان رمسيس، ليصبح رمزًا حضاريًا في قلب القاهرة.
- النقل الثاني (2006): تم نقله من ميدان رمسيس إلى منطقة الأهرامات بالجيزة قرب المتحف المصري الكبير، بهدف حمايته من أضرار التلوث والاهتزازات الناتجة عن حركة المرور والقطارات.
- النقل الثالث (2018): نُقل التمثال في موكب رسمي إلى البهو العظيم داخل المتحف المصري الكبير، ليكون أول قطعة أثرية ضخمة تلاقي الزوار، مشيرًا إلى عظمة الفرعون وترحيب الحضارة القديمة للزائرين.
استخدمت تقنيات حديثة خلال النقل الأخير، مثل الليزر لتحديد أدق تفاصيل التمثال، إضافة إلى تجهيز أرضية محمولة على 128 عجلة موزعة على 16 محورًا لضمان توزيع وزن 83 طنًا بشكل متوازن، مع تغليف مزدوج يحفظ سلامة التمثال ويضمن ثباته في وضعه العمودي أثناء النقل.
| الخاصية | الوصف |
|---|---|
| المادة | الجرانيت الوردي |
| الارتفاع | 11-12 مترًا |
| وزن التمثال فقط | 83 طنًا |
| الوزن الإجمالي مع القاعدة | 123 طنًا |
تمثال رمسيس الثاني في قلب المتحف المصري الكبير ورمز الخلود
أصبح تمثال رمسيس الثاني المتربع في بهو المتحف المصري الكبير مقصدًا رئيسيًا لكل من يرغب في استكشاف عظمة الحضارة المصرية، حيث يقف التمثال شامخًا أمام الواجهة الزجاجية الضخمة التي تعكس رحلة تاريخية من الماضي إلى الحاضر، مجسدًا الرابط الأبدي بين عهد الفرعون وقصص الفخر والتطور التي تسير نحو المستقبل. يعكس هذا التمثال ما بلغته مصر من اهتمام علمي وترميمي وترحيب ثقافي بتراثها العريق، مؤكدًا انطلاقًا من قلب المتحف أنه رمز خالد للرقي والهُوية الوطنية.
لمعرفة المزيد عن تفاصيل نقل التمثال، يمكن متابعة الكواليس المذهلة التي رافقت هذه العملية الفنية والهندسية من ميدان رمسيس بالعاصمة إلى بهو المتحف الكبير، حيث تُبرز التحديات والتقنيات المتقدمة التي استُخدمت لضمان سلامة هذا الأثر العظيم.
