مصر تحول الغاز الإسرائيلي لمليارات: كيف قلبت القاهرة معادلة الغاز لصالحها؟
تحولت مصر إلى لاعب رئيسي في سوق الغاز الطبيعي، حيث استطاعت القاهرة قلب معادلة الغاز لصالحها من خلال استيراد الغاز الإسرائيلي وتحقيق أرباح ضخمة من خلال إعادة تصديره. هذه الخطوة الاستراتيجية التي أدهشت الكثيرين جاءت بمكاسب مالية وتأثير استراتيجي كبير، دفعت حتى الإدارة الأمريكية إلى التدخل ومتابعة تفاصيلها عن كثب.
كيف تحقق مصر أرباحاً هائلة من الغاز الإسرائيلي؟
تعتمد مصر على شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر حقل ليفياثان، الذي يعد من أكبر مخزونات الغاز في شرق المتوسط، بعقود تستمر لمدة 15 عاماً ويبلغ حجم الصفقة 130 مليار دولار. الغاز المُستورد يُرسل إلى محطتي إدكو ودمياط المصرية لتسييله، وهو ما يتيح مصر تصديره إلى أوروبا باعتبار المحطتين الوحيدتين في المنطقة القادرة على تحويل الغاز إلى شحنات سائلة قابلة للنقل.
وبحسب بيانات “Bizportal” الإسرائيلي، تشتري مصر الغاز بسعر يتراوح بين 7.5 و8 دولارات لكل وحدة حرارية، وتعيد بيعه بعد التسييل بسعر 14 دولاراً للوحدة، ما يمنحها هامش ربح يقارب 80%. وعلى الرغم من أن إسرائيل تتحمل تكاليف الحفر والإنتاج، إلا أن القاهرة تحقق أرباحاً ضخمة من هذه الصفقة، التي وصفها التقرير الإسرائيلي بأنها بمثابة “هدية من تل أبيب”. وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن أعرب عن رغبته بإعادة النظر في الاتفاقية، إلا أن العقود ملزمة ووقعت مع شركات كبرى مثل نيو ميد وشيفرون.
الجانب الاستراتيجي من استفادة مصر من الغاز الإسرائيلي
لا تقتصر مكاسب مصر على الجانب المالي فقط، بل تمتد لتشمل تأثيرات استراتيجية كبيرة في ملف الغاز الإقليمي والسياسة الداخلية والخارجية. وفقاً لتعديل عقد توريد الغاز بين شركة نيو ميد ومصر حتى عام 2040 بقيمة 35 مليار دولار، ضُخ أكثر من 23.5 مليار متر مكعب من الغاز منذ 2020.
يرى الخبير جمال القليوبي أن مصر تستفيد عبر ثلاثة محاور رئيسية: أولها أن نقل الغاز عبر بدائل مثل العوائم أو خطوط التصدير الطويلة يعد مكلفاً للغاية، مما يجعل تصدير الغاز إلى مصر الخيار الأمثل والأقل كلفة لإسرائيل. ثانياً، أن حقول كاريش وتمار وليفياثان تمثل كامل الاحتياطات الغازية الإسرائيلية، وهذا يجعل تصدير الغاز عبر مصر السبيل العملي الوحيد. وأخيراً، يساهم استقبال الغاز في منح مصر نفوذاً استراتيجياً على القرار الإسرائيلي، داخلياً وخارجياً، بما في ذلك في الملفات الفلسطينية.
التوترات الدولية وتأثيرها على صفقة الغاز مع مصر
لم تكن صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل خالية من التوترات، حيث ألغى وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت زيارته لإسرائيل بعد رفض نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين المصادقة على الاتفاق بسبب عدم وضوح الأسعار وتأمين السوق الإسرائيلية. وأكد مكتب كوهين أن المصادقة غير ممكنة إلا بعد الاتفاق على أسعار عادلة، رغم الضغوط الأميركية التي مارستها إدارة ترامب على إسرائيل.
في ظل هذه التوترات، تلعب شركة شيفرون الأمريكية دوراً في الضغط على إسرائيل للموافقة على الاتفاق، بالتزامن مع مساعي واشنطن لدفع خطة السلام في غزة كما ذكرت مصادر إعلام إسرائيلية.
مصر تستثمر بقوة في اكتشافات الغاز المحلية لتعزيز مركزها في السوق الإقليمية
على الصعيد المحلي، حققت مصر اكتشافين جديدين في دلتا النيل بطاقة إنتاجية 19 مليون قدم مكعب يومياً، وهي خطوة مهمة بعد فترة توقف دامت عامين. وتخصص مصر استثمارات تقدر بـ5.7 مليار دولار لحفر 480 بئراً في الصحراء الغربية، خليج السويس، البحر المتوسط، ودلتا النيل، بهدف الحصول على استقرار طاقي مستدام وتعزيز استقلالها الاقتصادي ودورها الإقليمي.
وفي ضوء الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز بعد الأزمة مع روسيا، تستغل مصر قدراتها في محطات إدكو ودمياط لتصدير الغاز المسال، ما يزيد من الأرباح ويجعلها نقطة محورية في سوق الطاقة شرق المتوسط. ومع اكتمال خط الأنابيب الإسرائيلي “نيتسانا”، ستتضاعف قدرة نقل الغاز، مما يضمن استمرارية الصفقة حتى عام 2040 ويزيد من الأرباح.
| الربع | متوسط الإنتاج اليومي (بقدم مكعب) |
|---|---|
| الربع الثالث 2025 | 4.2 مليار قدم مكعب |
أظهرت بيانات شركة “ميس إيكنوميك” زيادة طفيفة في إنتاج الغاز الطبيعي المصري بلغت 1% مقارنة بالربع السابق، ما يشير إلى تعافٍ تدريجي بعد سنوات من الركود.
- نجاح حفر بئر “ظهر-9” يعزز إنتاج مصر من الغاز الطبيعي
- توقيع اتفاقية مصرية إيطالية لدعم إنتاج الغاز الحيوي والطاقة النظيفة
