ذكرى الجلاء: تفاصيل الاتفاق التاريخي الذي أنهى الوجود البريطاني في مصر

اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا شكلت نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر الحديث، حيث أنهت الوجود البريطاني الذي دام 71 عامًا، بعد ثورة 23 يوليو 1952 التي أطلقت مسيرات الاستقلال والسيادة الوطنية، بأن وضعت حجر الأساس لرحيل القوات البريطانية من الأراضي المصرية، وأرسَت إطارًا جديدًا للعلاقات الخارجية المنسجمة مع تطلعات الوطن.

اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا: إلغاء معاهدة 1936 ورفض التبعية

كانت اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا نتاجًا لخطوات تاريخية متتابعة، وعلى رأسها قرار الحكومة المصرية في 15 أكتوبر 1951 بإلغاء معاهدة 1936، التي شكلت أساسًا للهيمنة البريطانية. جاء هذا الفعل بعد فشل المفاوضات بشأن الجلاء الكامل والسيادة على السودان؛ ليؤكد رفض مصر أي تبعية أو سيطرة خارجية، ويعلن سعيها نحو استقلال كامل بلا تنازلات. تلك الخطوة كانت تمهيدًا جوهريًا لتوقيع اتفاقية الجلاء، حيث شَكّلت مؤشرًا على إرادة مصر الراسخة لاستعادة سيادتها ولكسر القيود القديمة بين البلدين.

توقيع اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا وتحديد جدول الانسحاب

في 19 أكتوبر 1954، شهدت مصر حدثًا فارقًا بتوقيع اتفاقية الجلاء بين الرئيس جمال عبد الناصر واللورد ستانسجيت، ممثل بريطانيا، التي نصّت رسميًا على انسحاب القوات البريطانية خلال عشرين شهرًا من تاريخ التوقيع؛ لتوضع خطة زمنية واضحة لإنهاء الوجود الأجنبي. وأكدت الاتفاقية احترام السيادة المصرية على جميع أراضيها، إضافة إلى اللجان والمرافق الاستراتيجية الحيوية. وقد أدت تلك الخطوة إلى مضي القوات البريطانية في رحيلها تدريجيًا، مترجمة إرادة مصر في استعادة التحكم الكامل بشؤونها الداخلية والخارجية على النحو الذي نصّت عليه بنود الاتفاق.

  • تحديد الانسحاب خلال 20 شهرًا
  • احترام السيادة المصرية الكاملة
  • انسحاب تدريجي للقوات البريطانية بشكل منظم
  • إلغاء المصطلحات التي تشير إلى تحالف دفاعي مع بريطانيا

السيادة على قناة السويس وانتهاء الاحتلال في ذكرى الجلاء

أكدت اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا على أن قناة السويس جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية، وخضع إدارتها للقاهرة بالكامل، وهو ما شكّل إنجازًا تاريخيًا بإنهاء كل الاتفاقيات السابقة التي مُنحت بها حصانات أو تحالفات تقيّد مصر. ونُفذت هذه البنود بسهولة نسبيًا، حيث غادر حوالي 80 ألف جندي بريطاني منطقة القناة في غضون أقل من عامين. وفي 18 يونيو 1956، غادر آخر جندي بريطاني مصر، معلنًا نهاية الاحتلال الذي استمر منذ عام 1882، وتأسيس عيد الجلاء الذي يحتفل به المصريون سنويًا كرمز لاستعادة الوطنية والاستقلال التام.

التاريخ الحدث
15 أكتوبر 1951 إلغاء معاهدة 1936 ورفض التبعية البريطانية
19 أكتوبر 1954 توقيع اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا
18 يونيو 1956 انسحاب آخر جندي بريطاني من مصر واحتفال عيد الجلاء

شكلت اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا إرثًا وطنيًا خالدًا، حيث كرّست استقلال مصر وحدّدت سياستها الخارجية المستقلة، وساعدت في تمهيد الطريق لتأميم قناة السويس في 1956، ما أعاد للأمة ملكية أهم شريان اقتصادي يُساهم في تنمية البلاد. كما برهنت هذه الاتفاقية على وحدة الشعب والجيش المصري في سبيل استكمال مسيرة السيادة والحرية التي انتزعها المصريون عبر نضالات طويلة بدأت منذ ثورة 1919 وبلغت ذروتها في خمسينيات القرن الماضي.