القراءة النقدية لكتاب “وحدي وظلي” لمريم خليفة: تجسيد الكتابة كفعل وجودي مقاوم
الكتابة الأنثوية المقاومة في كتاب “وحدي وظلي”
الكتابة الأنثوية المقاومة تظهر جليًا في كتاب “وحدي وظلي” لمريم خليفة التي تجسد صوتًا نسائيًّا يمزج العزيمة مع الإصرار في مواجهة العتمة الثقافية الأردنية. تؤمن مريم بأن الكتابة ليست مجرد ترف فكري، بل فعل وجود متجذر في المقاومة والجمال، حيث تحوّل الوجع إلى نص ينبض بالحياة، والعزلة إلى لغة تتنفس حضورًا. هي كاتبة صنعت مكانها بيديها، خطوةً خطوة، بين كلمات وأوراق، حتى غدت تجربتها الأدبية ناضجة وصادقة، تحمل بوحًا إنسانيًا متعمقًا. يحتفي كتابها “وحدي وظلي” بهذا التمسك بالذات ويمثل امتدادًا لمسيرتها التي تلتقط أعمق دفقات الوعي والوجدان، مبتعدة عن هامش العزلة لتنطلق من قلب تجربة الحياة ذاتها، تنصهر فيها الذات لتتجدد كتجربة تنطق بالمعنى والاحساس.
ثنائية العزلة والذات في الكتابة الأنثوية المقاومة لـ “وحدي وظلي”
تُجسد الكتابة الأنثوية المقاومة في “وحدي وظلي” ثنائية وجودية غنية بين الذات وقرينها الظل، حيث يتحول الظل، بعيدًا عن كونه امتدادًا جسديًا، إلى مرآة روحية تمتحن الذات وتساعدها على التأمل. العنوان يحمل شحنة مميزة تتراوح بين الوحدة والوجود، فالوحدة تعبّر عن الانفصال والانعزال الوجودي، أما الظل فيرمز إلى المرافق الخفي والذاكرة والحنين لشيء مفقود. يقدم العمل نثرًا شاعريًا متدفقًا كسيلٍ من الحنين، بين مشاهد الوجد والتمرد على العزلة، تصوغ الفقرات كبيوت نثرية تهتز بالوجع والرجاء، لتكشف عن تجربة أنثوية تكتب من القلب مباشرة، تستعير من الشعر كثافة اللغة، ومن النثر رهافة الانسياب مما يجعل النص كوشوشات تغلفها البكاء والتعبير العميق.
إيقاع النثر الفني وأثر الكتابة الأنثوية المقاومة في “وحدي وظلي”
أسلوب الكتابة في “وحدي وظلي” يرتكز على النثر الفني الذي يتقاطع مع الشعر الحرّ، إذ تتكرر فيه الجمل عاطفيًا لتخلق موسيقى داخلية تنبع من عمق الإحساس، وليس من تناغم إيقاع الوزن. يستخدم النص تقنيات مثل التكرار الوجداني، والتنغيم الصوتي عبر السجع الخفيف، والجمل الطويلة التي تعكس تيارا داخليا للوعي، لتنتج إيقاعًا خاصًا يشبه تدفق المشاعر بشدّتها وتوترها. تستمد مريم خليفة في كتابتها النثرية قوتها من الاحتفاء بالذات المقاومة التي تصارع من أجل البقاء وتعبّر عن الحنين الشخصي والهمّ الوطني.
- توثيق صوت أنثوي ينبثق من جوف التجربة الإنسانية
- الاحتفاء بالقوة الداخلية للذات المقاومة عبر الكتابة
- امتزاج بين الحزن، الحب، الفقد، والهم الوطني
ينتج عن ذلك نثر فني يجد صدى في وجدانية القارئ، إذ لا يُقرَأ هذا العمل بعقل مبرد فقط، بل بوجدان يستشعر ارتعاش الكلمات وهي تستكشف دربها نحو النور. “وحدي وظلي” ليس مجرد مجموعة خواطر، بل اعتراف شعري ينقل معه صدى ألم ومقاومة، يستعيد من خلالها الكاتبة توازنها في عالم يميل نحو الغياب، ليصنع أدبًا إنسانيًا متجددًا يمنح الكتابة دلالة أعمق وأثرًا أبديًّا.
